أثار قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المتعلق بتسليم منصب قيادة المرحلة التالية من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا للجنرال الروسي ألكسندر دفورنيكوف، الذي نال لقب بطل روسيا نتيجة مشاركته في العمليات العسكرية بسوريا، الكثير من الجدل في وسائل الإعلام الأجنبية والعبرية، لا سيما بعد التصريحات الأمريكية التي سلطت الضوء على القرار، حيث قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جين ساكي: “إدارة بايدن تتوقع أن القوات الروسية ستسعى إلى محاصرة القوات الأوكرانية وسحقها، وكذلك وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية نقلت عن مسؤول أمريكي رفض الكشف عن هويته قوله: “أحد أكثر الضباط العسكريين خبرة في روسيا، سيتولى قيادة القوات التي دخلت أوكرانيا”.
وفي سياق تفسير هذا الاهتمام الأمريكي والغربي بتعيين دفورنيكوف، نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية مقالاً جاء فيه: “الجنرال دفورنيكوف، يعتبر مهندس التدخل العسكري الروسي في سوريا، حيث اعتبر محللون عسكريون أن الجنرال الروسي، 60 عاماً، هو خيار منطقي لقيادة المرحلة الجديدة من الحملة الروسية، فبالإضافة إلى كونه الضابط الأقدم والمرشح ليحل في نهاية المطاف محل رئيس الأركان العامة فاليري جيراسيموف، فإنه قاد، منذ عام 2016، المنطقة العسكرية الجنوبية، المسؤولة عن العمليات الروسية في دونباس”، وأضافت الصحيفة أن “دفورنيكوف أُرسل إلى سوريا عام 2015، عندما تدخلت موسكو لأول مرة في الحرب، وتمت ترقية اللواء إلى رتبة قائد المنطقة الجنوبية العسكرية العام التالي في ذروة معركة السيطرة على مدينة حلب، والتي كانت نقطة تحول في الحرب عندما استعادت القوات الروسية والجيش السوري إحدى أكبر مدن سوريا من المعارضة، ومنحه الرئيس الروسي في ذلك العام وسام بطل روسيا”.
ونقل موقع قناة “DW” الألمانية وجهات نظر متعددة حول قرار تعيين الجنرال دفورنيكوف، كقائد عام على الأرض في أوكرانيا ومؤشراته، حيث نشر: “يؤكد محللون عسكريون أن تعيين الجنرال ألكسندر دفورنيكوف لتولي العمليات في أوكرانيا يشير إلى أن الحرب يمكن أن تدخل مرحلة جديدة، وأكد مسؤول أمريكي ومسؤول غربي لمحطة “أم أس أن بي سي” الأمريكية أن تعيين دفورنيكوف – الذي أشرف مؤخراً على القوات الروسية في سوريا، كقائد عام على الأرض في أوكرانيا يشير إلى تعديل في التسلسل القيادي الروسي، إذ سيتم استبدال دفورنيكوف، بالقادة الثلاثة الذين سبق لهم قيادة المعارك الحرب قبل عملية دونباس الكبرى المنتظرة”، ونقلت “DW”، عن العميد اللبناني المتقاعد وأستاذ العلوم السياسية والخبير العسكري إلياس حنا، قوله: “مسرح العمليات في أوكرانيا يختلف عن سوريا” موضحاً أن “طبيعة المواجهات في سوريا كانت تعتمد على الضربات الجوية العنيفة من جانب الجيش الروسي ولم تتواجه قوات المشاة الروسية على الأرض مع أحد تقريباً، لكن الآن هناك حرب على الأرض بجانب الضربات الجوية، في الوقت الذي قاد فيه الجنرال دفورنيكوف العمليات العسكرية في سوريا من خلال القصف الجوي فقط”.
وكذلك نقلت صحيفة “هآرتس” العبرية عن مسؤول عسكري إسرائيلي سابق، درس عن كثب استراتيجية الجنرال الروسي وتكتيكاته في سوريا، قوله: “إن دفورنيكوف أظهر التصميم وبعض الحنكة العسكرية في الساحة السورية، وأثبت أيضاً أنه منتج نموذجي للآلة المتقادمة والصلبة والبيروقراطية للجيش الروسي”، مضيفاً أن “الوحدة الروسية كانت صغيرة نسبياً، ولا تتجاوز بضعة آلاف من الجنود، لكن دفورنيكوف كلّفها بذكاء مع الساحة السورية”، وأشار المسؤول “الإسرائيلي” إلى أن “الجنرال الروسي وكبار موظفيه كانوا من العقلاء بما يكفي لعدم إرهاق قدرات روسيا المحدودة من خلال الانخراط في اشتباكات غير ضرورية مع القوات الجوية الإسرائيلية والجيش التركي”.
بحسب التحليلات العسكرية، فإن تعيين الجنرال الروسي دفورنيكوف، قائداً عاماً للقوات الروسية في أوكرانيا، هي ضرورة عسكرية فرضتها طبيعة المعركة الدائرة، نتيجة خبرته العملية، أما فيما يتعلق بالضجة السياسية والإعلامية المُثارة حول قرار تعيينه، فيبدو أن حضوره في الساحة السورية هي المسبب الأول لها، حيث تندرج هذه الضجة الإعلامية ضمن قائمة المقاربات التي يُجريها المحللون بين سياسة روسيا في حرب أوكرانيا وحرب سوريا.