في ظل التهديدات التركية بشن عملية عسكرية شمالي سوريا، أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، خلال زيارته إلى دمشق أن زيارته إلى دمشق جاءت استمراراً لزيارته التي قام بها إلى تركيل قبل 4 أيام، مضيفاً أنه “كان من الضروري إجراء مشاورات مع السلطات السورية”، مشيراً إلى نيّة بلاده بلعب دور الوسيط لإحداث تقارب بين دمشق وأنقرة.
في هذا الصدد انتشرت العديد من التحليلات التي حاولت تفسير خلفيات هذا الإعلان الإيراني الرسمي وإمكانية تحقيقه، حيث أشارت التقارير التحليلية إلى أن التصريح الإيراني قد ينتج عنه محاولات إيرانية جديّة للوصول إلى نتائج في هذا الملف دون أن تصل إلى مستوى التقارب الكامل بين الجانبين، مشيرين إلى أن الحديث عن تقارب سوري-تركي أمر مبالغ به.
وفي هذا الصدد وصفت صحيفة “الأخبار” اللبنانية تصريحات عبد اللهيان حول إحداث تقارب بين تركيا وسوريا بأنها تمهيدية، حيث قالت: “هذه التصريحات التمهيدية، هدفت إلى معرفة وجهة نظر القيادة السورية بالنسبة إلى الوساطة الإيرانية، ومدى استعداد دمشق للانخراط بأيّ جهد ديبلوماسي بين البلدين، وهو ما يمكن استخلاصه من الردّ الحكومي المرحّب بالمبادرة، والمتمسّك توازياً بالتأكيد أن تركيا دولة محتلّة لأجزاء من الأراضي السورية، وأن لها أطماعاً عسكرية في هذا البلد”، مشيرة إلى أن: “الحديث عن مبادرة إيرانية شاملة لحلّ الخلافات المتراكمة بين البلدين، على المستويات السياسية والأمنية والعسكرية وحتى الشخصية، غير واقعي، ومبالغ فيه، لكن طهران، في الغالب، تريد استغلال التطورات الحالية في الشمال السوري، للحصول على إجراءات من كلا البلدين، يمكن التأسيس عليها لاحقاً، من خلال طرحها لتطبيق اتفاقية أضنة بين البلدين، والتي ستؤدي إلى نشْر الجيش السوري في المناطق المهدَّدة بالهجوم، وهو ما سيبدّد، في حال حصوله، كل المخاوف الأمنية التركية، ويكون الأساس الذي يمكن البناء عليه لاتخاذ خطوات لاحقة، ومع ذلك، لا يمكن إغفال أن المبادرة الإيرانية قابلة للعرقلة الأمريكية في أيّ لحظة، وذلك من خلال حثّ واشنطن لقسد على التمسّك بخيار عدم الانسحاب العسكري من منبج وتل رفعت، أو تسليم المنطقتَين إدارياً وعسكرياً إلى الدولة السورية، وهو ما من شأنه أن يعقّد المهمّة الإيرانية، ويجعل من تطبيقها أمراً صعباً”.
فيما نقلت “القدس العربي” عن الكاتب والباحث في الشؤون الإيرانية ضياء قدور، قوله: “إن مجموعة التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان سواء كانت في أنقرة أم خلال زيارته إلى دمشق، توحي بأن إيران تريد لعب دور الوسيط، خاصة أن هذه التصريحات لم تصدر فقط عن وزير خارجية طهران فحسب، بل صحيفة إيران كتبت أمس الأحد، أن هناك قمة دبلوماسية ستعقد في طهران بضيافة الرئيس الإيراني، حيث من المقرر أن تجمع كلاً من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، لمناقشة حل قضايا الأزمة السورية”.
ونقل “العربي الجديد” الإلكتروني عن محللين قولهم: “حول إمكانية نجاح الوساطة الإيرانية، رأى القربي أن التحرك الإيراني بين أنقرة ودمشق، محاولة لإظهار الحضور الإيراني في الملف السوري أكثر من كونها وساطة حقيقية”، مشيرين إلى أن هناك اتصالات أمنية بين النظام السوري وتركيا، وربما تحاول طهران من خلال ملف الشمال السوري فتح قنوات سياسية بين الحكومة السورية وتركيا”.
في الوقت الذي تعتبر فيه بعض التحليلات أن الطرح الإيراني مُبالغ به، يشير آخرون إلى أن ما شهده العالم مؤخراً من تطورات في علاقات بعض الدول والتحالفات الجديدة التي ظهرت في المنطقة بين دول عاشت أزمات دبلوماسية فيما بينها لسنوات، تجعل من الطرح الإيراني أمراً ممكناً، مشيرين إلى أن الإعلان الإيراني يشير إلى انتقال إيران إلى مرحلة جديدة في التعامل بالملف السوري وتعقيداته، بعدما بات على مشارف التحول إلى أزمة منسية.