أعلنت منظمة “أوبك” قبل أيام عن قرارها الذي يقضي بتخفيض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، والرئيس الأمريكي جو بايدن، أكد عبر وسائل الإعلام أن هذا القرار يُعد طعنة في الظهر، وبرر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، هذا القرار بقوله: “مع الاحترام الواجب، فإن السبب في ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة هو أن لديكم نقصاً في التكرير منذ أكثر من 20 عاماً.. فأنتم لم تبنوا مصافي منذ عقود” نافياً أن يكون القرار مرتبط بأسباب سياسية، حيث يأتي تبرير الجبير في الوقت الذي تؤكد فيه التحليلات والتصريحات على أن هذا القرار بمثابة لكمة سعودية لبايدن، فيما يُشير آخرون إلى أن القرار هو مسرحية أمريكية-سعودية.
في هذا السياق أشارت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية في مقالٍ لها إلى: “تمثل خطوة أوبك انتصاراً لروسيا على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فمنذ بدء حرب أوكرانيا، فرض الغرب عقوبات اقتصادية على روسيا، بما في ذلك على قطاعها النفطي، وشجع البلدان الأخرى في جميع أنحاء العالم على أن تحذو حذوها، لكن بالرغم من هذا الجهد، تواصّل موسكو بيع نفطها لدول مثل الهند والصين وتركيا” مضيفةً: أن “سعر النفط العالمي بدأ بالفعل في الارتفاع بعد إعلان يوم الأربعاء، حيث انتقل من حوالي 86 دولاراً إلى أكثر من 93 دولاراً للبرميل”.
وكذلك نقلت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية عن الكاتب الاقتصادي فهيم الحامد، قوله: “نجحت منظمة أوبك في تجاوز الضغوط الأمريكية على الرغم من محاولات البيت الأبيض التأثير بشكل مباشر، من خلال جولة الرئيس بايدن وعقده قمة مع زعماء الخليج الذين أرسلوا رسائل أن دول الخليج يتعاملون مع الأمر وفق مصالح بلدانهم وليس وفق رغبة الولايات المتحدة”.
فيما لفتت صحيفة “الفاينانشال تايمز” الأمريكية إلى التوقيت الذي تم خلاله اتخاذ هذا القرار، حيث نشرت: “يأتي توقيت التخفيض في الإنتاج في لحظة مهمة بالنسبة للولايات المتحدة بشكل خاص، وتحديداً بعد شهرين ونصف فقط من لقاء الرئيس جو بايدن مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جدة، وقال روجر ديون، مراقب أوبك المخضرم في مزود البيانات “إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايت”، في مذكرة له: إن التخفيضات تمثّل تسليحاً للنفط وأن توقيت ومكان الاجتماع كانا إشارة متعمّدة من المنظمة، مضيفاً: أن وجود نائب رئيس الوزراء الروسي الخاضع للعقوبات الأمريكية لمناقشة تشديد الإمدادت النفطية، مع اقتراب فصل الشتاء وقيام روسيا فعلياً بإضفاء الطابع العسكري على صادراتها من الغاز إلى أوروبا، يبعث برسالة واضحة”.
فيما نشرت صحيفة “رأي اليوم” اللندنية وجهة نظر مختلفة عمّا ورد، مشيرةً إلى وجود دلائل تؤكد أن ما يجري مجرّد مسرحية أمريكية-سعودية، ومن هذه الدلائل: “أمريكا الآن لديها فائض في إنتاج النفط والغاز وتسعى إلى التصدير، ولا تتأثر بشكل كلي بتخفيض أوبك للإنتاج، والمتضرر الوحيد لخفض الإنتاج هو أوروبا، ومن الممكن أن أمريكا ترغب في إرهاق أوروبا اقتصادياً وفي قطاع النفط خاصة ونحن على أبواب الشتاء، وذلك بهدف السيطرة عليها أكثر وجعلها تابعة وضعيفة، ولحشرها في الزاوية حتى تشن حرباً مباشرة على روسيا، وبهذا تحارب أمريكا روسيا من خلال الوكلاء، وما يُثبت صحة هذا التحليل هو قيام أمريكا بتفجير خطوط الغاز الروسي المتجه إلى أوروبا عبر بحر البلطيق”.
يُشير الخبراء إلى أن مسألة “تسليح النفط” لا يمكن اعتبارها أمر مستجد، لافتين إلى أن النفط كان حاضراً في جميع حروب الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تلجأ إلى التسلّح به في جميع المناطق التي تتواجد فيها عسكرياً، بما فيها سوريا، حيث تسيطر واشنطن على 80% من النفط السوري.