فور انتهاء وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، لقائه بـ “الائتلاف المعارض” الأسبوع الفائت، أعلن عن نيّته بلقاء نظيره السوري فيصل المقداد، في منتصف الشهر الجاري، وذلك في الوقت الذي تؤكد فيه هياكل المعارضة (بشقيها السياسي والعسكري) عن تخوفها من التقارب التركي-السوري الحاصل، داعيين أنقرة إلى التراجع عن موقفها، معربين عن تخوفهم من الخطوة التي أقدمت عليها تركيا، التي تعتبر أول دولة كانت داعمة لهم.
الخبراء والمراقبون السياسيون، بدأوا بنشر تسريبات وتحليلات عن مصير هياكل المعارضة هذه، وفي هذا الصدد نشرت صحيفة “العرب“:
“يسود الظن أن الرئيس التركي لن يفكر سوى في مصالح بلاده في الاتفاق مع دمشق، وأنه يمكن أن يجبر المعارضة السورية على القبول بصفقة قد تجعلها في مواجهة مباشرة مع الحكومة السورية، من دون ضمانات ومن دون أيّ اتفاق تفصيلي بشأن دمج المعارضة في المرحلة القادمة في سوريا، ومن دون معرفة ما إذا كانت عودتها ستتم ضمن مصالحة سورية–سورية أم سيتم التعامل معها ضمن الخيار الأمني”، مضيفة أن “بعض المراقبين يشيرون إلى أن أردوغان لا يفكر سوى في تحقيق اختراق كبير في هذا الملف الذي سيهدد مصيره في الانتخابات القادمة، خاصة أن الكثير من الأتراك يحمّلونه مسؤولية التورط في حرب سورية داخلية، ويعتبرون أنه جلب الملايين من اللاجئين السوريين إلى تركيا، ما زاد في حدة الصعوبات المعيشية التي تواجهها البلاد وضاعف نسب البطالة لدى الأتراك”.
أما “النهار” اللبنانية، فتطرقت إلى الاجتماع الذي عقده وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو مع “الائتلاف” المعارض، مشيرة إلى أن “الهدف من الاجتماعات التي طالب بها ممثلو المعارضة السورية عقب اجتماع وزراء الدفاع في موسكو هو الاطلاع من أنقرة على مآلاته المحتملة وتأثيره في المشهد السوري”، مضيفة أن “تركيا استطاعت في السنوات الماضية فرض هيمنتها على مؤسسات المعارضة السورية وأصبحت الدولة الوحيدة الداعمة لها مالياً وسياسياً بالتنسيق مع دولة قطر، لكن أنقرة بعدما عزلت المعارضة السورية عن محيطها العربي، سعت إلى تدجينها لضمان بقائها ملتزمة بسياستها الخارجية، وقد تسارعت خطوات التدجين في الأشهر الماضية بالتزامن مع تصاعد الحديث عن احتمال حدوث تقارب مع دمشق، وكان من أبرز وسائل التدجين التي اتبعتها أنقرة هو استخدام ملف التمويل حيث حجبت مساعداتها المالية البالغة 250 ألف دولار شهرياً عن الائتلاف ما أوقعه في أزمة مالية ما زال يعاني من تداعياتها”، وعن إجراءات “الائتلاف” للحد من هذا التقارب أشارت الصحيفة إلى أنه “من المتوقع أن تؤدي مواقف الائتلاف السوري الضعيفة إزاء خطوات تقارب أنقرة مع دمشق إلى اتساع الفجوة بينه وبين شارع المعارضة في كل من مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام التي تخضع إدارياً -من حيث الشكل- لسلطة الحكومة الموقتة، بينما من المعروف أن الأتراك هم أصحاب القرار الفعليون نتيجة نفوذهم الواسع على المجالس المحلية في هذه المناطق”.
وفي السياق ذاته، لفتت صحيفة “الشرق الأوسط” إلى تحذيرات المسؤولين الأتراك من رفض بعض هياكل المعارضة عمليات التقارب السوري-التركي، حيث قالت: “إن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، حذّر من محاولات دفع المواطنين في شمالي سوريا إلى تنظيم احتجاجات والقيام باستفزاز وأكد في الوقت ذاته أن هدف تركيا هو مكافحة الإرهاب”، لافتة إلى ما سبق أن نقلته وكالة “رويترز” عن مصدر تركي كبير، تأكيده أن “بلاده اطّلعت على ردود فعل فصائل المعارضة على اجتماع موسكو لكن تركيا هي التي تحدد سياساتها”.
تشير بعض التحليلات والتسريبات، إلى أن تركيا قد تتجه نحو تصنيف فصائل المعارضة وكذلك أعضاء “الائتلاف المعارض” بين من يرغب بتسوية وضعه والقبول بالعودة للدولة السورية، ومن يرفض العودة، حيث ستكون الفئة الأخيرة أمام خيارات وسيناريوهات غير واضحة المعالم حتى الآن.