خاص || أثر برس أثّرت الأزمة السورية على جميع القطاعات الاقتصادية في البلاد، إذ تركت سنوات الحرب على سوريا تداعيات واضحة على قطاع التجارة الخارجية كغيره من القطاعات الأخرى، فبلغت نسبة تراجع المستوردات نحو (78.11- %) في عام 2022 مقارنة بعام 2010، أمّا الصادرات تراجعت بنسبة أكبر حيث وصلت إلى (94.3- %)، بينما بلغ متوسط عجز الميزان التجاري نحو (5764.38 مليون دولار).
التغيرات التي طرأت على حجم المستوردات خلال الأزمة:
بالرغم من تضارب بعض الأرقام في بعض السنوات خاصة الخمس الأخيرة حول قيمة الصادرات والمستوردات، إلّا أنّ البيانات الإحصائية التقريبية التي حصل عليها “أثر برس” من بعض التصريحات الحكومية الرسمية والتقارير الإعلامية، تشير إلى حجم التأثير الذي طال هذا القطاع.
حيث كشفت البيانات الإحصائية عن تراجع المستوردات السورية منذ عام 2011 حتى عام 2022 بنسبة (78.11%). حيث بلغت كمية المستوردات السورية في عام 2011 نحو (19871 مليون دولار) بزيادة قدرها (13.76%) عن عام 2010 والذي سجلت فيه المستوردات قيمة (17467 مليون دولار)، ثم بدأت بالانخفاض تدريجياً وظهر ذلك بشكل حاد خلال عام 2012، حيث بلغت نسبة تراجع المستوردات نحو (38.33%) مقارنة بعام 2011.
ومع تراجع الأوضاع الأمنية في البلاد وخروج العديد من المناطق عن سيطرة الحكومة السورية خلال الأعوام 2013 و2014 و2015، انخفضت كمية المستوردات بشكل واضح وبنسبة كبيرة جداً حيث تراجعت من (8597 مليون دولار) في عام 2013 إلى 5545 مليون دولار) عام 2015، أي بنسبة سلبية تغير بلغت (35.5%). وفي عام 2018 زادت قيمة المستوردات لأول مرة منذ بدء الأزمة حيث ارتفعت إلى (7752 مليون دولار) بنسبة تغيّر بلغت (60%) مقارنة بعام 2017 والذي سجلت في المستوردات قيمة (4845 مليون دولار). ويعود سبب زيادة المستوردات في عام 2018 إلى إعادة فتح المعابر الحدودية مع الأردن والعراق بعد التحسن الأمني الذي شهدت منطقة محيط العاصمة والمنطقة الجنوبية خاصة المعابر الحدودية.
منذ عام 2019 إلى نهاية تشرين الأول 2022 أخذت المستوردات الحكومية منحى تراجع بشكل واضح حيث انخفضت في عام 2019 إلى (5824 مليون دولار) بنسبة تغير بلغت 24.87% مقارنة بالعام 2018، إلى أنّ وصلت إلى نحو 3822 مليون دولار في نهاية تشرين الأول 2022. وهنا يعزي الخبراء الاقتصاديين في حديث لـ”أثر”، سبب هذا الانخفاض في جانب المستوردات منذ عام 2019 وحتى نهاية عام 2022 إلى أمرين رئيسيين؛ الأول هو سبب قسري خارج عن إرادة الحكومة السورية وسببه العقوبات الاقتصادية الغربية التي فرضت على سوريا وخاصة قانون قيصر الأمريكي، والذي حدّ بشكل كبير من وصول المستوردات والبضائع من الخارج وخاصة الضرورية منها، أمّا السبب الآخر، هو داخلي فرضته الظروف التي مرت بها البلاد خلال تلك السنوات حيث لجأت الحكومة إلى تطبيق سياسة “ترشيد المستوردات”، وذلك للتخفيف من استنزاف القطع الأجنبي وتوجيه التمويل للمواد الرئيسية فقط كالقمح والنفط لضمان وجود المواد الغذائية الأساسية من الأسواق.
وكان رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس ذكر في بداية عام 2022 في تصريحات صحفية أنّ (80%) من المستوردات في عام 2021 هي لمستوردات القطاع العام من المشتقات النفطية والدواء والزراعة و(20%) منها لبقية النشاطات من تأمين مستلزمات الإنتاج وغيرها.
التغيرات التي طرأت على حجم الصادرات خلال الأزمة:
انخفضت قيمة الصادرات السورية إلى الخارج منذ بدء الأزمة بشكل كبير، حيث وصلت قيمة المنتجات المحلية المصدرة 2010 نحو (12238 مليون دولار) إلى أنّ انخفضت حتى عام 2022 إلى (696 مليون دولار) ما يشير إلى أنّ حجم الصادرات تراجع بنسبة (94.3- %). وسجل عام 2012 أكبر نسبة تغير فيه مقارنة بالعام الذي سبقه، حيث تراجعت قيمة الصادرات في العام الثاني للأزمة بنسبة تقارب (80%)، حيث كانت قيمة الصادرات عام 2011 نحو (10501 مليون دولار)، ثم انخفضت إلى (3050 مليون دولار عام 2012. ثم بدأت تتراجع قيمة الصادرات تدريجياً إلى أنّ سجلت أدنى قيمة لها عام 2018 بنحو (325 مليون دولار). ثم ارتفعت إلى (696 مليون دولار) تقريباً في نهاية عام 2022.
بالنسبة للتغيرات التي حصلت في جانب الصادرات، يرى الخبراء أنّ الصدمة الكبيرة التي كانت في هذا الجانب، هي بداية عام 2013 والذي سجلت فيه قيمة الصادرات تراجع حاد وصل إلى (82%) وذلك يعود برأيهم، إلى تراجع حجم الإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية، وكذلك جميع طبيعة الخدمات المقدمة لها إضافة إلى تضرر البنية الخدمية في القطاعات الإنتاجية بشكل كبير جداً انعكس على دوران عجلة الإنتاج.
إضافة إلى ذلك وفقاً للخبراء، في تلك المرحلة الاقتصاد السوري أصبح في مرحلة هو بحاجة كبيرة للعديد من المواد الأساسية التي تدخل في العديد من الصناعات المحلية والتي حينها باتت غير متوفرة نتيجة الإجراءات القسرية الغربية، كما أنّ ما كان ينتج في فترات الأزمة هو قليل جداً ولا يلبي حاجة السوق المحلية ما أدى إلى تراجع بنسبة الصادرات إلى هذا المستوى. وحول نسبة الأرقام التي سجلت كصادرات خلال سنوات الأزمة، يرجع الخبراء ذلك إلى تصدير ما هو فائض من منتجات المحاصيل الزراعية كالفستق الحلبي، وزيت الزيتون، والتوابل، والحلويات، على سبيل المثال.
وعن سبب تراجع الصادرات خلال العام 2022، يعيد الخبراء ذلك إلى الإجراءات الحكومية التي تم اتخاذها بهدف ضمان توفير المواد الأساسية في السوق، وخاصة بعد الأزمة الأوكرانية التي بدأت في 24 شباط 2022، حيث أصدرت رئاسة مجلس الوزراء عدّة قرارات منعت بموجبها تصدير العديد من السلع المحلية.
وحول الاستفسار عن دور الحكومة بزيادة حجم الصادرات إلى الخارج لتأمين القطع الأجنبي، هنا يبين الخبراء: إنّ المسألة تتعلق في هذا الجانب بنقطتين، الأولى يمكن معالجتها، حيث عملت الحكومة على إقرار مسألة «الادخال المؤقت» وهو يمكن أن يحسن في زيادة الصادرات، وهذا الإجراء هو تسهيلي إلّا أنّه يحتاج إلى مراقبة وضبط من قبل الحكومة، أمّا الثاني لا يمكن معالجتها بشكل تام ونهائي وهذا يرتبط جزء منه في توفير حوامل الطاقة على سبيل المثال.
قصي المحمد