لم يعد الحديث عن العودة السعودية إلى سوريا مفاجئاً بعد تطورات عدة شهدتها الساحة السورية، والتي أكدت أن هناك مباحثات لتمهيد طريق التقارب السعودي- السوري، لكن هذا التمهيد لا ينفي وجود خصوصية لعودة السعودية أكبر قليلاً من باقي الدول العربية التي استأنفت علاقاتها مع سوريا مؤخراً، ما يعني أن إقدام الرياض على خطوة العودة يحمل مؤشرات عدة وقد تكون أبعد من دمشق.
صحيفة “العرب” اللندنية نشرت مقالاً في هذا الخصوص، جاء فيه:
“يبدو أن دواعي التوصل إلى حل ينهي عزلة سوريا أصبحت أكبر من أن تعوقها اعتراضات واشنطن أو الدوحة، وما بدا حتى وقت قريب شبه مستحيل، قد يتحقق”، مضيفة أن “الجهود التي تبذلها واشنطن لإقناع الدول الراغبة بتطبيع علاقاتها مع دمشق بالعدول عن قرارها مصيرها الفشل، بعد أن لاحظت تلك الدول، عن قرب، فشل السياسات الأمريكية التي انتهجتها واشنطن في المنطقة”، وخلُصت الصحيفة إلى أنه “من الواضح أن سوريا اقتربت من حل الجزء الصعب –قادت إلى ذلك التطورات التي تشهدها المنطقة والعالم– لتبقى المهمة الأصعب، هي إعادة بناء ما دمرته حقبة 11 عاماً من الحرب، وانتشار الأوبئة (كورونا وكوليرا)، والجفاف، وما أكمل عليه الزلزال الذي ضرب شمال غربي سوريا”.
ولفت موقع “المونيتور” الأمريكي إلى أن “الأجندة الغربية، التي أعطت للزعيم السوري مكانة منبوذة، يتم وضعها في الخلف مع التغيير الوزاري الكبير في المنطقة، الناجم عن عدم توازن الحلفاء الغربيين التقليديين، وخاصة السعودية والإمارات”.
على حين ربط الكاتب السوري جو غانم في مقال نشره موقع “الميادين نت” التقارب السعودي مع التقارب السعودي- الإيراني الذي حصل تحت المظلة الصينية، حيث قال: “من المؤكّد أنّ الاتّفاق السعوديّ–الإيراني الذي أخرجته بكّين، سرّع من وتيرة الحركة في مسار الرياض–دمشق، إذ تسعى الرياض نحو إرساء تفاهمات إقليمية شاملة تُنهي مرحلة من الصراع والتنافس السلبيّ في المنطقة، وهي ترى في ذلك مصلحة كبيرة لها، خصوصاً أنّ تفاهمات كهذه من المفترض أن تساهم في إنهاء الحرب في اليمن، التي تحوّلت إلى عبء كبير يُثقل كاهل الرياض”.
بينما أكدت صحيفة “الرأي” الأردنية أن “عودة العلاقات السعودية- السورية ستكون بحسب مراقبين التطور الأهم في طريق إعادة سوريا إلى الجامعة العربية بعد الخطوة الإماراتية التي بدأت عام 2018 بفتح سفارة الإمارات في دمشق وما تبعها من خطوات إماراتية كبيرة توّجت بزيارات رسمية بين مسؤولي البلدين”، مضيفة أن “اللافت حتى اللحظة وأمام كل هذه المعطيات هو غياب التصريحات الرسمية السورية عن استئناف العلاقات القنصلية مع السعودية الأمر الذي ربطه المحلل السياسي السوري غسان يوسف، بطبيعة السياسة السورية التي تربط بين إعلان أي تحرك وبين الوصول إلى نتائح حقيقية على الأرض ويعتبر يوسف أنه عندما يكون هناك اتفاق كامل بين البلدين سيتم الإعلان الرسمي السوري له”.
الأوساط والتحليلات السياسية السورية تؤكد أن أجندة الرئيس بشار الأسد، ستكون ممتلئة في الآونة المقبلة والتطورات السياسية في سوريا لن تُقتصر على إعادة فتح قنصليات وسفارات أو حتى زيارات لوزراء خارجية عرب إلى البلاد فقط.