ارتبط الهالوين في العديد من الثقافات بثمار القرع، ولعل أهم رموزه ما يسمى بـ”مصباح القرع”.
ونلاحظ في ليلة الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث تغزو شوارع بعض المدن والبلدات في العالم كما بعض المؤسسات التعليمية وأماكن الحفلات الخاصة، مشاهد غريبة لأشخاص في أزياء وأقنعة تذكر بالموت والأشباح.
حيث تجد الآباء والأمهات مشغولين في هذه الأيام بانتقاء زي “الهالوين” الذي سيرتديه ابنهم أو ابنتهم في حفلة المدرسة أو في حفلة خاصة تضم الأصدقاء.
فمن أين جاءت هذه الطقوس، التي أصبحت مألوفة ومتبعة في مختلف البلدان والثقافات، ومنها العالم العربي؟
تقاليد ومعتقدات: الظلام والموت
هناك اعتقاد شائع بأن الاحتفالات تعود إلى تقاليد كلتية (أو سلتية) قديمة، والكلت (أو السلت) هي مجموعة الشعوب التي تنتمي إلى الفرع الغربي في مجموعة الشعوب الهندو-أوروبية، ومن امتداداتهم اللغوية والأثرية والتراثية الشعب الإيرلندي والأسكتلندي، حسب بعض النظريات التاريخية.
في حين كانت تلك الاحتفالات مرتبطة بمواسم الحصاد وجني المحاصيل، والعلاقة بين المواسم الزراعية والطقوس المرتبطة بالمجهول والقوى الخارقة شائعة في التاريخ.
ويعتقد أن الأزياء التي تستخدم حالياً في احتفالات الهالوين تشبه الأزياء الشعبية للشعوب الكلتية القديمة، التي كانت تكلل نهاية المواسم الزراعية بتلك الاحتفالات.
وكانت تلك الاحتفالات سابقاً تتضمن “التنبؤ بالمستقبل” في ما يتعلق بالموت والزواج وأمور شبيهة.
وفي تفسير آخر، فإن الموضوع له علاقة بعيد كلتي يسمى “سامهاين”، يرتبط ببداية موسم البرد والظلام (حيث يقصر النهار ويطول الليل)، فوفقاً للمعتقد الكلتي، يقع إله الشمس في أسر الموت والظلام يوم 31 أكتوبر/ تشرين الأول، وفي هذه الليلة تتجول أرواح الأموات في ملكوتها، وتحاول العودة إلى عالم الأحياء.
تسبق ليلة الهالوين اليوم الذي يعرف في المسيحية بـ”عيد كل القديسين”، فكلمة “قديس” لها مرادف هو “هالوماس”، وكانت هناك احتفالات مشابهة في الأيام الثلاثة التي تسبق أعياداً مسيحية أخرى، كعيد الفصح مثلاً، تتضمن الصلاة لأرواح الذين رحلوا حديثاً.
أزياء الهالوين
هناك أشكال وألوان من ملابس وأقنعة الهالوين، تتغير عبر الأجيال وتتابع آخر صيحات الموضة، ولكنها تدور حول فكرة الموت والأشباح بشكل عام.
ويلاحظ أنه في السنوات الأخيرة بدأت الملابس والأقنعة تستقي أفكارها من شخصيات أفلام هوليوود، مثل “باتمان” و”سبايدر مان”، ويحاول الشبان والفتيات الإبداع في اختيار ملابس مثيرة للدهشة.
مظاهر الاحتفال بالهالوين في بعض الدول
في النمسا، يتركون بعض الخبز والماء ومصباحاً مضاء على الطاولة قبل أن يخلدون إلى النوم في ليلة الهالوين، وهذا يهدف لاستقبال الأرواح الزائرة.
وفي الصين، فيضعون الطعام والماء أمام صور الأعزاء الراحلين.
أما في جمهورية التشيك، فيضعون الكراسي حول النار، واحد لكل فرد من أفراد العائلة الأحياء وواحد لكل ميت.
ولعل أكثر الاحتفالات ثراء تقام في المكسيك ودول أمريكا اللاتينية، حيث يعتبر الهالوين عيد مرح وفرح ومناسبة لتذكر الأصدقاء والأحبة الذين رحلوا.
من مظاهر الاحتفال في العيد أن تقوم العائلات ببناء مذبح في منزلها وتزيينه بالحلويات والزهور وصور من رحلوا، بالإضافة إلى مأكولاتهم ومشروباتهم المفضلة، كذلك ينظفون المقابر ويضعون الزهور على القبور.
وفي بعض الأحيان يضعون شخصاً حياً في تابوت ويجولون به الحي أو القرية، بينما يلقي الباعة الفواكه والزهور في التابوت.
ويذكر أنه وفقاً لأسطورة تعود لشخص كلتي يدعى جاك، كان كسولاً لا يحب العمل يسكر ويقطع الطريق، وكل هذا حسب معتقداتهم بسبب وسوسة الشيطان لكنه كان ذكياً، وحين مات جاك لم يسمح له بالدخول إلى الجنة بسبب أعماله، ولم يجد له مكاناً في جهنم، بل حكم عليه بالتشرد الأبدي، وحتى لا يهيم في الظلام أعطي قبساً من نار جهنم.
حيث أن الاحتفالات اللاحقة بالهالوين التي تستوحي قصة جاك، استبدل القبس بجزرة، ثم استبدله الأمريكيون بثمرة القرع، وهكذا نشأ مصباح القرع حيث أصبح القرع كرمز ملازماً للاحتفالات بعيد الهالوين في أمريكا الشمالية في وقت لاحق