قبل يومين من الاجتماع غير العادي الذي سيجري غداً في القاهرة بين أعضاء جامعة الدول العربية، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أمس الجمعة، أن سوريا ستتمكن قريباً من العودة إلى جامعة الدول العربية، لكن هناك تحديات كثيرة تنتظرها في حل أزمتها.
وقال الصفدي: “إن سوريا لديها ما يكفي من الأصوات بين أعضاء الجامعة، البالغ عددهم 22، لاستعادة مقعدها” مضيفاً أن “العودة إلى جامعة الدول العربية ستحدث، سيكون ذلك مهماً من الناحية الرمزية، ولكن… هذه مجرد بداية متواضعة جداً لعملية ستكون طويلة جداً وصعبة، وتنطوي على تحديات نظراً لتعقيدات الأزمة بعد 12 عاماً من الصراع” وفقاً لما نقلته وكالة “رويترز”.
اجتماع غير عادي:
نقلت شبكة “CNN” الأمريكية عن مصدر ديبلوماسي أن أعضاء جامعة الدول العربية سيصوتون على “إلغاء تجميد عضوية سوريا”، الأحد، وذلك خلال “جلسة استثنائية”، مشيراً إلى أنه في حال تمت الموافقة على عضوية سوريا، فمن المحتمل جداً أن تحضر دمشق قمة الجامعة العربية المفترض عقدها في 19 أيار الجاري بمدينة جدة السعودية.
في 4 أيار نقلت وكالة “AFP” الفرنسية عن مصدر ديبلوماسي رفض الكشف عن هويته أنه “تقرّر عقد دورتين غير عاديّتين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب يوم الأحد”، على أن تخصّص الدورة الأولى لمناقشة التطورات السورية ومسألة إعادة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة، في حين ستبحث الدورة الثانية الحرب الدائرة في السودان.
وحول الخطوات التي سبقت اجتماع يوم غد الأحد، أشار أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، في لقاء أجراه على قناة “الشرق” اجتماعات عمّان وجدة التي انعقدت في الشهر الفائت أوضحت ما هي خريطة الطريق المطلوبة من سوريا لكي يحدث انفراجه في الملف السوري ويحقق عودة سورية تحقق الاستقرار وتضع مناخ طيب لهذه الخطوة”.
وأكد أبو الغيط في لقاء تلفزيوني أجراه في 26 نيسان الفائت أن “عودة سوريا باتت حتمية وسوف تتم ولكن هل ستتم في هذه القمة؟” مبيناً أن “وفقاً للمسار الدستوري القانوني يجب أن يعقد اجتماعاً طارئاً لمجلس وزراء جامعة الدول العربية بناءً على طلب دولة وبتأييد من دولة إضافية، ويُطرح في هذا الاجتماع مطلب عودة سوريا، عندئذ نبدأ النقاش، وهناك دول ستقول نعم، ودول أخرى ستقول أنا على الحياد، ودول ستقول لا لأسباب كذا وكذا، وبالتالي في نهاية الاجتماع هناك رئاسة، وحالياً هي الرئاسة المصرية، وسيقول الرئيس لدي عدد معين من الدول مؤيدة ولدي 3 أو 4 رافضين فإما نلجأ للتصويت أو نلجأ لما يسمى بالتوافق العريض”.
رفض أمريكي:
التحركات العربية التي يشهدها ملف عودة سوريا إلى الجامعة العربية، تترافق مع موقف أمريكي مُعلن ورافض لها، حيث أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن ناقش مع نظيره الأردني مسألة تعزيز التوصل إلى حل سياسي شامل للحرب السورية، عقب الاجتماع الذي عُقد في عمّان، في الأول من أيار، وأوضح بلينكن “أن الولايات المتحدة لن تطبِّع علاقاتها مع الدولة السورية، كما أنها لا تدعم قيام الدول الأخرى بتطبيع علاقاتها مع الدولة، قبل تحقيق تقدم سياسي حقيقي تيسِّره الأمم المتحدة ويتسق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254″، ولفتت صحيفة “هآرتس” العبرية تقريراً حول التحركات العربية إزاء سوريا إلى أن “الولايات المتحدة ستجد صعوبة في معارضة الاتفاقيات التي وقعتها سوريا مع الدول العربية ومع تركيا، ويصدق هذا بشكل خاص عندما لا يكون لديها نفوذ اقتصادي أو دبلوماسي لإملاء الحلول الخاصة بها”.
ونشرت شبكة “BBC” البريطانية في هذا الصدد تقريراً أشارت خلاله إلى أنه “على الرغم من معارضة الولايات المتحدة وأوروبا، أصبح من المعتاد أن تتخذ الدول العربية خطوات لتطبيع العلاقات مع سوريا. ولا تزال سوريا تأمل في الحصول على صفة مراقب في قمة جامعة الدول العربية في الرياض في 19 أيار، قبل إعادتها في نهاية المطاف.
يشار إلى أنه في منتصف آذار الفائت عُقد اجتماع في مدينة جدة أعضاء مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن، لبحث الملف السوري، وشهد الاجتماع اختلافات عدة بين وجهات نظر الدول العربية إزاء هذا الموقف، وبعد أسبوعين عُقد اجتماع بين وزراء خارجية سوريا والسعودية والأدرن ومصر في عمّان وكان الاجتماع الأول لوزراء خارجية عرب تحضره سوريا منذ بداية الحرب، وبحسب التسريبات فإنه من المفترض أن تجيب دمشق خلال هذا الاجتماع على القضايا التي طرحتها الدول العربية في اجتماع جدة، وأكد البيان الختامي للاجتماع أنه تم الاتفاق على عدة نقاط في ثلاثة ملفات، الأول ضبط الأمن والحدود: ستتعاون سوريا مع الأردن والعراق في تشكيل فريقي عمل مشتركين من السياسيين والأمنيين منفصلين، خلال شهر لتحديد مصادر إنتاج المخدرات في سوريا وتهريبها، واتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء عمليات التهريب، وإنشاء آليات تنسيق فعالة بين الأجهزة العسكرية والأمنية السورية ونظيراتها في الدول المجاورة لحفظ أمن الحدود، والملف الثاني البدء باتخاذ خطوات جدية لإعادة اللاجئين: تحديد الاحتياجات اللازمة لتحسين الخدمات العامة في مناطق عودة اللاجئين للنظر في توفير مساهمات عربية ودولية فيها، وتوضيح الإجراءات التي سيتم اتخاذها لتسهيل عودة اللاجئين، بما في ذلك في إطار شمولهم بمراسيم العفو العام، وتكثيف العمل مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة للدفع نحو تسريع تنفيذ مشاريع التعافي المبكر لتحسين البنية التحتية في المناطق التي سيعود إليها اللاجئون، واتخاذ خطوات لحل قضية النازحين داخلياً، بما في ذلك قضية مخيم الركبان جنوبي سوريا، وفي الملف السياسي: العمل على استئناف أعمال لجنة مناقشة الدستور في أقرب وقت ممكن، أن تعمل الدول المشاركة في الاجتماع مع الدول الشقيقة والمجتمع الدولي على مقابلة الخطوات الإيجابية للحكومة السورية بخطوات إيجابية، وتشكيل فريق فني على مستوى الخبراء لمتابعة مخرجات هذا الاجتماع وتحديد الخطوات القادمة لمعالجة الأزمة السورية وتداعياتها.
يشار إلى أنه عام 2011 اتفقت معم الدول الأعضاء في الجامعة العربية على تجميد عضوية سوريا وفرض عزلة عربية عليها.