ربطت معظم التحليلات السياسية زيارة الرئيس اللبناني السابق ميشال عون، إلى سوريا بالتشنجات الحاصلة بين الأحزاب اللبنانية في ملف الرئاسة اللبنانية، حيث رجّحت بعض الأوساط السياسية أن عون طلب الوساطة من الرئيس بشار الأسد، فيما استبعدت أخرى أن يُقدم الرئيس الأسد، على أي تدخل في هذا الملف، مؤكدة أن دمشق تجد ملف الرئاسة اللبنانية ملف داخلي لبناني.
صحيفة “العرب” أشارت إلى ارتباط زيارة عون بالملف الرئاسي اللبناني، سيما بعد ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، للمنصب الرئاسي وإعلان -حليف سوريا- حزب الله و”حركة أمل” تأييدهما لفرنجية، ونقلت عن أوساط سياسية لبنانية أنه من غير المستبعد أن يكون الهدف الرئيسي للرئيس السابق ميشال عون، هو طلب وساطة من الرئيس الأسد، لإقناع حلفائه اللبنانيين المتمثلين بحركة أمل وحزب الله بالتراجع عن موقفهم الداعم لترشيح سليمان فرنجية، أو كسر الجمود الحاصل بين “التيار الوطني الحر” الذي أسسه عون، وحزب الله، وقالت المصادر في هذا الصدد: “إن زيارة الرئيس اللبناني السابق ميشال عون إلى دمشق ولقائه بالرئيس بشار الأسد، يبدو الهدف منها طلب التدخل لكسر الجمود الذي تشهده العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله والذي قد يتطور إلى قطيعة، لاسيما بعد قرار التيار البرتقالي المضي في ترشيح وزير المالية الأسبق جهاد أزعور، كرئيس للبنان” وأضافت المصادر السياسية أنه ” من غير المستبعد أن يكون عون قد طلب من الرئيس السوري التدخل من أجل الضغط على حزب الله وحركة أمل لصالح الذهاب في خيار ثالث بديل عن ثنائية (فرنجية – أزعور)”.
فيما استبعدت مصادر مطلعة على مجريات الزيارة نقلت عنها صحيفة “الشرق الأوسط” احتمال وجود أي وساطة سورية في هذا الملف، مؤكدة أن دمشق ترى أن هذا الملف داخلي لبناني، حيث قالت: “إذا كانت زيارة عون إلى دمشق تهدف إلى توسط الرئيس الأسد مع حزب الله وحركة أمل لثنيهما عن تأييد فرنجية، فإن الزيارة لن تبدل شيئاً في موقفهما”، مضيفة: “الثنائي اتخذ قراره بترشيح فرنجية، والرئيس الأسد لن يضغط على أحد لتغيير مواقفهم” مشددة على أن “الملف الرئاسي هو ملف لبناني بالكامل ويرى حلفاء حزب وحركة أمل أن هذا الملف هو ملف داخلي ومحصور بالمعالجة اللبنانية حصراً ولا يتدخل أحد بشيء ولا يُفرض عليهم شيء، وهو أمر جرى التأكيد عليه مراراً وبات واضحاً، فحلفاء الحزب يؤكدون دائماً أنهم لا يتدخلون في الملفات الداخلية اللبنانية”.
وحول الملفات المرجّح أنه تمت مناقشتها أكدت مصادر “الشرق الأوسط” أن “هناك عدة ملفات يجري بحثها، في مقدمتها ملف النازحين السوريين الذي يدعم التيار الوطني الحر إعادتهم إلى أراضيهم في سوريا، كما تأتي الزيارة بعد التحولات الإقليمية وعودة سوريا إلى الجامعة العربية” وأكدت مصادر لبنانية مواكبة للزيارة “أن التواصل بين عون والرئيس الأسد لم ينقطع خلال الفترة الماضية وكان يتم تليفونياً أو عبر موفدين لحل جملة قضايا عالقة مرتبطة بالبلدين” وفقاً لما نقلته “الشرق الأوسط”.
وفي السياق ذاته نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر سورية تأكيدها على أن الزيارة بالنسبة إلى سوريا ليست أكثر من رد جميل للمواقف التي سجّلها عون تجاهها في عزّ أزمتها، لكنّ هذه المواقف لا يُمكن أن يكون لها مفعول في الملف الرئاسي، لا لجهة الضغط على حزب الله للتراجع عن ترشيح فرنجية، ولا التدخل لدى فرنجية نفسه للتراجع عن ترشحه” مضيفة أن “المشهد تغيّر الآن، وسوريا كما كل أطراف المحور الذي تنتمي إليه، تجِد أن مرحلة ما بعد الاتفاق الإيراني – السعودي والانفتاح العربي على سوريا، هي مرحلة حصد الغنائم بعد سنوات من التضحيات، وهي مرحلة لن تقِف عند خاطر أصحاب الحسابات الشخصية والرهانات الخاطئة”.
يشار إلى أنه منذ عام 2005 تجمع الرئيس الأسد، بالرئيس اللبناني السابق ميشال عون، علاقة جيدة، ويحثّ المجتمع الدولي باستمرار على ضرورة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم عبر التواصل مع الدولة السورية وحفظ سيادتها.