صعّدت القوات التركية في الأيام الفائتة عملياتها ضد الوحدات الكردية، حيث استهدفت مواقع في مدينة القامشلي في الحسكة ومدينتي تل رفعت ومنبج في ريف حلب الشمالي، في وقتٍ أعلنت فيه “قوات سوريا الديمقراطية – قسد”، أن التصعيد التركي لن يمر بلا ثمن، رابطةً ذلك مع قرب إجراء الاجتماع الرباعي لنوّاب وزراء خارجية روسيا وإيران وسوريا وتركيا في “آستانة”.
وأصدرت “الإدارة الذاتية” بياناً عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي قالت فيه: إنّ “الهجمات التركية تأتي في الوقت الذي يزداد فيه الحديث عن استمرار الاجتماعات الرباعية، لوضع خارطة طريق للعمل وإحداث آليات أمنية جديدة بين الطرفين (التركي – السوري)، وهذه التطورات والوضع يخلق أمامهم إشارات استفهام كثيرة”.
من جهته، أكد مدير المركز الإعلامي لـ “قسد” فرهاد شامي في حديث لصحيفة “الشرق الأوسط”، أنّه “لا يمكن فصل هذا العدوان عن مساعي الاحتلال التركي لصرف الأنظار عن مشاريعه الاستعمارية على الأراضي السورية، وبقاء جنوده ومرتزقته داخل سوريا”، معتبراً أنّ “الدعاية التركية بالهجوم على هذه القوات ليست سوى محاولة لإضعاف القوى الوطنية المناوئة للخطط الاستعمارية التركية كافة وردعها لعدم المواجهة”.
وأضاف: “المطلوب من الأطراف السورية كافة الوعي بأن محاولات إضعاف قواتنا لا تهدف سوى للمزيد من التوغل التركي أكثر بالعمق السوري، بغية التأثير في القرار السياسي السوري حاضراً ومستقبلاً”.
بدوره، رأى رئيس دائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية” بدران جيا كرد، أنّ “تركيا تسعى إلى تعميق الأزمة السورية وإطالة حربها وتفكيك أراضي البلاد ووحدتها، موضحاً أنّ “تركيا دعمت وساندت المجموعات الإرهابية، وتدخلها كان لصرف الانتباه عن أزماتها الداخلية وتصدير مشاكلها إلى جيرانها، عبر اعتداءاتها وهجماتها واستخدامها للمجموعات الإرهابية والمرتزقة في سبيل تحقيق أهدافها”، وفقاً لما نقلته صحيفة “الشرق الأوسط”.
وحذّر المسؤول الكردي من “احتمالية عقد تفاهمات وصفقات جديدة بين تركيا وغيرها من الأطراف الفاعلة بالحرب السورية في مواجهة “الإدارة الذاتية”، مضيفاً: “ستدفع بالمنطقة وسوريا عموماً للخطر الكبير، وستجعل الجميع أمام احتمالات جديدة سيئة للغاية في سوريا وكل المنطقة”.
وأكدت الدفاع التركية الأربعاء الفائت، أن “قواتها استهدفت نقاطاً لـ”الوحدات الكردية” في ريف حلب، أدى إلى القضاء على 41 عنصراً من “الوحدات الكردية” في منطقتي تل رفعت ومنبج شمالي سوريا”، مضيفةً: إنه “تم استهداف العناصر الأكراد بالمسيّرات التركية، رداً على استهداف نفذته هذه الوحدات في ولاية كيليس جنوبي تركيا”.
وشهدت جبهات ريف حلب الشمالي يومي 11 و12 من حزيران الجاري، حالة تصعيد ميداني لافتة، حيث تم استهداف القاعدة التركية في كلجبرين العسكرية التركية بـ8 صواريخ وسُمعت أصوات انفجارات عدة من داخلها، في حين لم ترد أي معلومات مؤكدة تتعلق بالخسائر البشرية في صفوف الجنود الأتراك، ورجّحت مصادر “أثر” حينها مسؤولية مجموعات “قوات تحرير عفرين” المتحصنة في عدد من الجيوب الواقعة في الأطراف الجنوبية من منطقة أعزاز، عن تنفيذ قصف القاعدة التركية، بينما ألمحت المصادر في الوقت نفسه إلى احتمالية أن القصف تم بوساطة مجموعات من الخلايا النائمة التابعة لـ “قوات سوريا الديمقراطية – قسد” من الجهة الشرقية لمنطقة أعزاز، فيما قصفت القوات التركية عمليات رقعة واسعة من القرى المدنية الموجودة بين منطقتي عفرين وأعزاز بريف حلب الشمالي.
ويُجري نوّاب وزراء خارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا اجتماعاً رباعياً في العاصمة الكازاخستانية آستانة بتاريخ 21 من حزيران الجاري، في وقتٍ تبدي فيه “قسد” انزعاجها منذ لقاء وزيرَي خارجيتَي سوريا وتركيا في موسكو، قبل ما يزيد عن شهر، متّهمةً الجانبَين بالاتفاق على محاربة قوّاتها.
ويشير محللون في هذا الصدد، إلى أنّ “القيادات الكردية تدرك أن المساعي الروسية والإيرانية على خط دمشق- أنقرة بلغت موقعاً متقدماً، وأن أي تسوية سورية- تركية محتملة لا بد من أن تكون “قسد” هي الخاسر الأول والأكبر فيها، خصوصاً أن معظم البنود التي يحملها المفاوضون الأتراك إلى اجتماعاتها الخاصة بهذا المسار تبدأ وتنتهي عندها وعند ما تسميه أنقرة “الإرهاب الكردي”، وهذا وحده كفيل بإحداث قلق كبيرٍ لدى الجالسين خلف مكاتب “الإدارة الذاتية” في الشرق السوري، الذين يتوقعون أن “يتفرغ” لهم الجميع معاً، لا فردياً، في وقتٍ لاحق.
أثر برس