خاص|| أثر تضطر الكثير من النساء السوريات إلى العمل في مهن حرة في الشوارع وعلى البسطات تحت ضغط الظروف الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة اليومية وانخفاض أجور العمل سواء كان خاصاً أو في القطاع الحكومي هذا من جهة ومن جهة ثانية فقدانهن الزوج أو المعيل.
وتذكر أم حسن لـ “أثر” أنها قبل الحرب السورية لم تعتد العمل خارج المنزل نهائياً، إذ كان زوجها يؤمن احتياجات العائلة من ورشة الدهان التي كان يعمل بها؛ أما اليوم فهي مضطرة إلى العمل في عملين لتؤمن احتياجات أسرتها اليومية ودفع مصاريف دراسة أولادها بعد وفاة زوجها في الحرب.
أما في زوايا سوق حي الفحامة الدمشقي هناك حكايات تروى، حيث تنتشر مجموعة من النسوة اللواتي يعملن في بيع ما يقمنَ بزراعته في الأراضي الزراعية القريبة من سكنهنَ في منطقة كفرسوسة والربوة بدمشق من بقدونس ونعنع وجرجير وفاصولياء وبامية وباذنجان وكوسا وغيرها؛ فأم فؤاد (45 عاماً) وهي من سكان حي كفرسوسة تعمل في زراعة كل مساحات بستانها لتؤمن مصاريف عائلتها، وتقول لـ”أثر”: “فيما مضى كنا نزرع في البستان الذي نملكه حتى نأكل خضرة طازجة فقط، أما اليوم فبتنا مضطرين إلى العمل في الزراعة لبيع ما نزرعه بالشوارع وعلى الأرصفة فنحن لا نملك مكان لنعرض فيه منتجاتنا”.
وتفترش أم فؤاد يومياً منتجاتها من الخضار والبيض البلدي مع مجموعة من النساء اللواتي يجلسن بجانبها في بسطات بالقرب من منطقة الفحامة، وتضيف لـ “أثر” إنها تربي أحفادها لابنها المفقود، وليس لها أي دخل غير هذا العمل الذي بدأت به منذ نحو خمس سنوات.
ولفتت أم فؤاد إلى أنها تبيع خضراواتها بسعر أقل من الأسواق حتى تتغلب على صعوبات الحياة وكي تستطيع في نهاية اليوم العودة لمنزلها وفي متناول يدها مبلغ من المال يسد احتياجاتها المنزلية.
وفي جانب آخر هناك نساء يبعن الألبان والأجبان فحال أم خلدون لا يختلف عن غيرها من بقية النساء اللواتي اضطررن إلى العمل في الشوارع؛ فهي تتعاون مع زوجة ابنها في صناعة الألبان والأجبان وغيرها من مشتقات الحليب في منزلها الكائن في مساكن برزة بدمشق ومن ثم بيعها على بسطة قريبة من المارة، فمعاش ابنها الموظف بالكاد يكفيه أجرة مواصلاته وشراء بعض الاحتياجات لمنزله.
وتشرح أم خلدون لـ “أثر” إنها قررت شراء الحليب من بعض المزارع القريبة وتصنيع اللبنة والجبنة البلدية وتخصيص يومين في الأسبوع لتصريف منتجاتها عبر تلك البسطة.
وتواصل أم خلدون عملها الأسبوعي بين تحضير بضاعتها وبين بيعها، وتشير إلى أن فقر حال ولدها وحاجة أطفاله إلى الغذاء بالدرجة الأولى واحتياجات مدارسهم دَفَعَها للعمل في الشارع وكسر النمطية التي تسيطر على حياة المرأة وعملها داخل المنزل فقط.
وللوقوف على وضع هذه البسطات، قال مدير الشؤون الصحية في محافظة دمشق د.قحطان إبراهيم، لـ “أثر”: “بمثل هذه الحالات من المفترض إرسال دوريات المصادرات فمكانها الصحيح ليس في الشوارع فمعظم المنتجات المعروضة تحتاج إلى براد داخل المحل خصوصاً في ظل ارتفاع درجات الحرارة وإمكانية تعرّض هذه المنتجات للتلف خلال فترة قصيرة”.
وأضاف إبراهيم: “إنهم ليسوا مراقبين وهذه مسؤولية الشرطة التي تتواجد في الشوارع ومن مهامها مراقبة أماكن تواجد هذه البسطات”.
وختم مدير الشؤون الصحية في محافظة دمشق د.قحطان إبراهيم كلمه قائلاً لـ”أُثر”: “نحن فقط نعالج الشكاوى التي تردنا عن أغذية فاسدة اشتُريت من هؤلاء النسوة، إذ نقوم بالكشف عن المادة ومعاقبة البائع سواء كان رجل أو امرأة ومصادرة كل ما بحوزته”.
دينا عبد ــ دمشق