أنهى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جولته الإقليمية التي تعتبر الأولى من نوعها منذ أن بدأ بولايته الرئاسية الجديدة، حيث أجرى جولة خليجية، بدأت بالسعودية مروراً بقطر وصولاً إلى الإمارات، وسط تأكيدات بأن هذه الزيارة نقلت العلاقات بين تركيا ودول الخليج إلى مرحلة جديدة، وسيكون لها تأثيرات تعم على مختلف دول الإقليم وليس على الخليج وتركيا فقط.
ماذا حصّل أردوغان بهذه الجولة؟
في السعودية: التقى أردوغان بولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ووقع الطرفان 5 مذكرات تفاهم مشتركة في قطاعات متعددة كالاستثمار والطاقة والصناعة والدفاع والاتصالات، ووافقت السعودية، على شراء طائرات مسيرة تركية في أكبر عقد دفاعي في تاريخ تركيا، وفقاً لما نقلته وكالة “رويترز”.
وأشارت الوكالة إلى أن من أبرز الاتفاقات الموقعة، هي صفقة تقوم الرياض بموجبها بشراء طائرات مسيرة تركية، حيث أعلن وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، أنه تم توقيع عقدي استحواذ لشراء طائرات مسيرة تركية، إضافة إلى “خطة تنفيذية للتعاون الدفاعي” بين البلدين، ووصفت شركة “بايكار” التركية العقد بأنه أكبر صفقة تصدير في مجال الدفاع والطيران بتاريخ الجمهورية التركية.
كما أفادت وكالة “الأناضول” التركية بأن تركيا والسعودية وقعتا، اتفاقيات في مجالات الاستثمار المباشر والصناعات الدفاعية والطاقة والدفاع والاتصالات.
وفي الإمارات، أفادت وكالة “وام” الإماراتية الرسمية، بأنه وقّعت كل من تركيا والإمارات اتفاقيات ومذكرات تفاهم، ، تبلغ قيمتها 50.7 مليار دولار، مع الاتفاق على إنشاء مشترك لإنشاء “لجنة استراتيجية عليا” بين البلدين.
أما في قطر، فحرص الجانبان التركي والقطري، على التأكيد على متانة العلاقات بينهما والتي لم تشهد خلال السنوات الفائتة أي توترات -على عكس السعودية والإمارات- حيث وقّع أمير قطر والرئيس التركي على البيان المشترك بين قطر وتركيا بمناسبة مرور 50 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية القطرية- التركية.
تبعات هذه الجولة ودلالاتها:
أكد عدد من الخبراء والمختصون أن هذه الزيارة تحمل مؤشرات عديدة حول مستقبل العلاقات الخليجية- التركية وتأثيرها على الدول الإقليمية خصوصاً أنها ركّزت على الجانبين العسكري والاقتصادي، وفي هذا الصدد أشار موقع “المونيتور” الأمريكي إلى أن “هذه هي الزيارة الإقليمية الأولى لأردوغان منذ إعادة انتخابه، بهدف إنعاش اقتصاد بلاده الذي أصابته أزمة العملة الأجنبية بالشلل، وتشير تصريحات أردوغان قبل الجولة إلى أن الرئيس التركي يحمل آمالاً كبيرة على الرحلة التي تجذب الاستثمار الأجنبي إلى تركيا”.
فيما قال الكاتب حسان التميمي، في مقال نشرته وكالة “الأناضول” التركية: “يمكن قراءة الزيارة من جوانب عدة، ولاسيما أنها أظهرت تقارباً في المواقف السياسية بشأن القضايا الإقليمية، وتأكيداً للمصالح المشتركة في مجالات مثل الاستقرار الإقليمي وجهود مكافحة الإرهاب وحل النزاعات، وفي المحصلة رسمت مشهد مواءمة للأهداف الاستراتيجية” لافتاً إلى أن “هناك إمكانية لإقامة شراكة أوثق وأكثر شمولاً بين تركيا ودول الخليج، مع وجود العديد من الديناميكيات التي ستشكل مسارها، وأهمها استمرار المشاركة وتعميق التعاون الدفاعي”.
ونقلت الوكالة التركية عن أستاذ العلاقات الدولية في مركز ابن خلدون بجامعة قطر علي باكير، قوله: “إن نتائج الزيارة تشي بأننا انتقلنا فعلاً من مرحلة التطبيع إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي، ولا سيما السعودية والإمارات، على اعتبار أن لتركيا تحالفاً استراتيجياً قائماً بالفعل مع قطر”.
وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” مقالاً أضاءت فيه إلى خصوصية الزيارة التركية إلى السعودية بالتحديد، مشيرة إلى أن “أهمية هذه الزيارة التركية للسعودية مختلفة هذه المرة، وليست كما سابقاتها، اليوم الرياض وأنقرة تعرفان بعضهما تمام المعرفة، وسبق أن تباينتا في كل الملفات، والآن العلاقة تعود إلى مسار مختلف، وهذا المسار هو الاستثمار، وتغليب لغة المصالح، وهذا المطلوب في منطقتنا مع ضرورة الحذر من تجريب المجرب، وهذا الأمر يقال للجميع، فهذه المنطقة لا تملك ترف إضاعة الوقت، والاستثمار في ما جرى الاستثمار به من قبل” وخلُص المقال إلى أنه “بكل وضوح.. منطقتنا لا تملك ترف إعادة الاستثمار بالجماعات والتيارات، والركض خلف الشعارات، وعلى من يعتقد أن هذا حديث مبالغ به، النظر حوله بالمنطقة ليرى كمية الدول الفاشلة، أو التي على وشك الانهيار”.
وكذلك الأمر في صحيفة “العرب” التي ربطت الجولة بفوز أردوغان، بولاية رئاسية جديدة، حيث نشرت: “نحن أمام أردوغان جديد، لا شكّ أنّ وزير خارجيته هاكان فيدان، الذي يعرف العالم والمنطقة معرفة جيّدة خصوصا أنّه أمضى سنوات طويلة مديرا للاستخبارات، سيساعد في إعادة الرئيس التركي إلى أرض الواقع، يقول الواقع في كلّ أنحاء العالم، بما في ذلك تركيا، إنّه الاقتصاد يا غبي، وأردوغان تصالح مع الواقع لا أكثر”.
يشار إلى أنه منذ بدء الانتخابات الرئاسية التركية، أكدت التحليلات العربية والتركية أن أردوغان، بولايته الرئاسية الجديدة سيتجه إلى سياسة “صفر مشاكل” مع كافة الدول، وسيعمل على تحقيق المزيد من التوازن في علاقاته الخارجية، تماشياً مع المتغيرات الإقليمية الأخيرة.