خاص|| أثر برس بينما تشهد منطقة الجزيرة السورية والتي تقع تسيطر عليها “الإدارة الذاتية”، توترات حادة تحولت إلى أعمال عسكرية خلال اليومين الماضيين داخل صفوف “قوات سوريا الديمقراطية- قسد”، كثّفت وسائل الإعلام ومراكز الدراسات مؤخراً، الحديث عمّا يسمى “مشروع الحزام السنّي العشائري في شرق سوريا” برعاية أمريكية ومباركة تركيا.
ما هو المشروع وما هي مراحله؟
تعود جذور المشروع إلى فكرة تأسيس “قوة عشائرية عربية”، أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من عامين، ففي 7 حزيران الفائت بيّنت مصادر خاصة لـ”أثر” في منطقة اليعربية القريبة من الحدود العراقية بمحافظة الحسكة أن “فكرة تأسيس قوة عربية من القوات الأمريكية تعود لأكثر من سنة ونصف، عندما التقت القوات الأمريكية بالشيخ رافع الحران من قبيلة شمر في اليعربية”، وتريد الولايات المتحدة عبر هذه “القوة” المبنية على شكل جديد مخالف لتجاربها السابقة، إلى خلق منطقة فاصلة بين سوريا والعراق تقودها قوى محلية، تقبع تحت سيطرتها.
وحول شكل المشروع ومراحل تنفيذه، نشر مؤخراً مركز دراسات “كاندل CANDLE-” الذي يتخذ من إسطنبول مقراً له، خريطة اطلع عليها “أثر”، توضح آلية تنفيذ المشروع والتي تبين أنه سينفذ على مرحلتين الأولى: تبدأ بربط منطقة “البوكمال” (تبعد 143 كم عن التنف) مع منطقة قاعدة التنف في البادية بالقرب من الحدود السورية الأردنية (شرق السويداء 50 كم).
وبحسب الخريطة التي صدّرها المركز، فإنّ هدف المرحلة الأولى من المشروع، إحداث منطقة ربط بين مناطق سيطرة “قسد”، وقاعدة التنف (بعمق 70 – 75 كم باتجاه الداخل السوري)، بهدف فصل الحدود السورية- العراقية، وإبعاد الجيش الجيش السوري وحلفائه عن تلك المنطقة.
أمّا المرحلة الثانية، تبدأ بعد إتمام المرحلة الأولى وزيادة عدد المقاتلين في المنطقة إلى 15 ألف مقاتل، والتي سيتم توسيعها حتى تشمل خط “الطبقة – السخنة”، ما يعني توسيع مساحة المشروع، وتمتد هذه المساحة من التنف في جنوب البلاد إلى الطبقة بطول 240 كم باتجاه الشمال غرب تدمر بمساحة 40 كم تقريباً.
وفي هذا السياق، يرى الباحث في الشؤون السياسية علي جديد لــ”أثر” أنّ “المشاريع الأمريكية مستمرة في سوريا وعادت لتبقي واشنطن سوريا ساحة استراتيجية للصراع بالنسبة للولايات المتحدة لأن الهجوم الأوكراني المضاد على روسيا قد فشل، وبهذا تسعى الولايات المتحدة إلى إبقاء سوريا ساحة استنزاف لموسكو، إضافة إلى تأثير محور المقاومة الذي تطورت إمكانياته في سوريا وفي الداخل الفلسطيني، ما زاد من مستوى الخطر على “إسرائيل”، وفقاً للباحث.
ما أهداف واشنطن من المشروع؟
تهدف الولايات المتحدة الأمريكية من المشروع المزعوم، إلى إعادة ترتيب مواقع القوى في البلاد بهدف إبعاد القوات العسكرية السورية والرديفة لها من المنطقة الحدودية والبادية السورية.
وفي هذا السياق، يبين الباحث جديد لــ”أثر” أن المشروع ليس جديد وإنما “مستمد من مشاريع سابقة كمشروع “صحوات” في العراق، ويعتمد على بناء قوة محلية تستطيع من خلالها الولايات المتحدة ضرب النفوذ المتنامي لمحور المقاومة في المنطقة، وإغلاق الطريق البوكمال.
وبيّن جديد أن ذلك “سيساعد واشنطن في إعادة ترتيب الاوضاع في الجزيرة السورية لتحقيق التقارب المطلوب مع أنقرة من خلال مراعاة تحفظاتها وبالتالي يمكن زج المجموعات المسلحة المحسوبة عليها في صالح المشروع”.
إنّ المشروع الذي يعود عمره الظاهر إلى عامي، كان توقف مسبقاً على الرغم من الترتيبات التي أجرتها واشنطن مع العشائر هناك، بسبب خلافات لم تتمكن حينها من حلّها وتم تأجيل التنفيذ ريثما يتم التوصل إلى اتفاق لها مع شيوخ تلك العشائر.
في هذا الصدد، لا بد من الإشارة إلى المعوقات التي تعترض المشروع، حيث يرى جديد أنّ ضعف عدد لميليشيات المسلحة المرشحة لتنفيذه لا تزال قليلة، ولا تتجاوز 7500 مقاتل.
وترشح واشنطن حالياً عدّة فصائل المكون الأساسي للقوة العسكرية التي تسعى إلى تشكيلها، وهذه الفائل هي: (مجموعات “الصناديد” 1500 مقاتل منتشرين في الحسكة وقائهم نور الجربا وهم مكون من عشيرة شمر، وفصيل “ثوار الرقة” 1000 مقاتل ينتشرون في الرقة يترأسهم اللواء أحمد العثمان وقيادتهم من عشيرة الولدة، و”المجلس العسكري لدير الزور” مكون من 1500 مقاتل ويرأسهم أحمد الخبيل وينتشرون في دير الزور وهم من قبليتي العقيدات والبكارة. إضافة إلى “جيش سوريا الحرة” و”ثوار شهداء القريتين” في التنف ويتكونان من 2500 مقاتل ويترأسهم العقيد محمد فريد القاسم وهم مكون من عشائر ريف حمص وعشرة العقيدات، وتجمع “أحمد عبدو وأسود الشرقية” يشكلون 1000 مقاتل ينتشرون في مخيم الركبان ويترأسهم طلال سلامة وأحمد التامر وهم خليط من عشائر عدّة.
ويرى الخبراء والمراقبون، أنّ الولايات المتحدة بعد إنجاز المرحلة الأولى من المشروع، ستسعى إلى زيادة عدد المقاتلين المنضويين تحته عبر مصدرين الأول من خلال جر المقاتلين من أبناء العشائر اللذين يعملون مع قسد أو من خلال دفع واشنطن إلى ارسال مقاتليها من مسلحي الشمال على اعتبار أنّ أنقرة شريك لواشنطن في هذا المشروع.
ويشكل تأسيس القوة العشائرية العربية خطراً على القوات الكردية، في وقت يرى فيه الكرد أنّ هذه القوة المدعومة أمريكياً، مهما كان عددها لن تكون ذات قرار، وإنما ستعمل تحت راية قوات “قسد”، وما يدلل هذا ما قاله مصدر كردي مطلع في حديث لـ”أثر” مسبقاً بأنّ “القوة العربية ستبقى قوة رمزية وغطاء لمهمة السيطرة على الحدود الفاصلة بين سوريا وتركيا من المالكية أقصى شمال شرقي الحسكة، وصولاً إلى الباغوز بريف دير الزور الشرقي”.
في هذا السياق، يبين جديد أنّ المشروع الجديد غير مرحب به لدى قسد لأنه سيؤثر على دورهم في المنطقة، وهذا سيشكل عائقاً له، حيث قال: “عدم تحمس قيادات قسد للمشروع لإدراكهم أن جزء من الأهداف هو إعادة رسم التوازنات في الجزيرة السورية بما يتناسب مع التحفظات التركية، إضافة إلى حالة الصراع بين المجلس العسكري في دير الزور وقسد مؤخراً، يعكس رغبة قادة المجلس في تقديم نفسه كلاعب أساسي في المشروع وبالتالي السيطرة على دير الزور مع امكانيات النفطية فيها التي يتجاوز إنتاجها 80 ألف برميل يومياً”.
قصي المحمد