أكد الرئيس بشار الأسد، في مقابلة أجراها مع الصحافي الروسي فلاديمير سولوفيوف، أن فلسطين هي دولة مُحتلة ويُعتدى عليها من جانب الاحتلال الإسرائيلي.
وحول مواقف الدول العربية من التصعيد الحاصل في فلسطين، واقتصار عمل معظمها على إصدار بيانات إدانة من دون اتخاذ أي خطوات جديّة، قال الرئيس الأسد: “هذه التقاليد العربية في السياسة على الأقل خلال أربعين عاماً، قبل ذلك يكون الزمن أصبح بعيداً، لكن في أربعين عاماً نصدر بيانات فقط”، وفق ما نقلته الرئاسة السورية عبر معرفاتها على “تلغرام”.
وأوضح الرئيس الأسد أن “هناك أسباب كثيرة لها تتعلق بالوضع العربي، الوضع العربي هو وضع سيئ لا نستطيع أن نتحدث عنه كأنه وضع متماسك، لا، كل دولة عربية تعمل وحدها”، مؤكداً أن “الدور الغربي في قرارات الدول العربية قوي، هو دور موجود، وعليه الضغط الغربي لصالح إسرائيل موجود في القرارات العربية، هذه أيضاً حقيقة، كل الشعوب العربية تعرفها، أنا لا أقول لك سراً في هذه الحالة.. فإذاً لا نستطيع ونحن نقف مع الفلسطينيين أن نأمل كثيراً من الوضع العربي”.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن الذي دفع أهالي غزة للاتجاه نحو الحرب هو “لأنهم يعرفون بأنه لا توجد دولة عربية أو غير عربية أو دولة مسلمة أو غير مسلمة ستدافع عنهم، فكان لا بد من أن يدافعوا عن أنفسهم بأيديهم”.
وفي سياق متصل، تطرق اللقاء إلى العقوبات الغربية والأمريكية المفروضة على الجانبين الروسي والسوري، إذ قال الرئيس الأسد: “الغرب مضحك وغبي أحياناً، لكن لاحظ ما يحصل، بدأ الحصار على كوبا منذ ستين عاماً وبدأ الحصار على سوريا في عام 1979 وبالعام نفسه على إيران وبعدها على كوريا الشمالية واستمر يتوسع ويتوسع والآن الحصار على روسيا والحصار على الصين ويستمر الحصار، ما هي النتيجة بعد فترة سيكتشف الغرب بأنه هو المحاصر”.
وأضاف أن “الدول تتعامل مع بعضها، النتيجة أن الدولار يفقد قيمته ويفقد وزنه وهذا شيء جيد لذلك أنا أعتقد أن الحصار الغربي على الدول الأخرى يقوض ويضعِّف الدولار ويحقق مصالحنا على المدى البعيد، فأنا لا أراه سيئاً، أراه أحمق من وجهة نظرنا، ولكن من الأفضل أن يستمروا به لأنه يخدم مصالحنا العالمية، ولا أقصد سوريا وروسيا بل يخدم مصالح معظم العالم على المدى المتوسط، ليس بالضرورة البعيد، المتوسط والبعيد”.
وحول احتمال إجراء حوار مع الغرب، أشار الرئيس الأسد، إلى أن الرؤساء في الدول الغربية هم مديرون تنفيذيون ويأخذون أوامرهم من جهات محددة، وقال: “إذا كنت تريد أن تبني علاقة مع شركة تجارية فلديك الموظفون والمديرون الفرعيون فيها، ولديك مدير الإدارة أو المدير التنفيذي، ولديك مجلس الإدارة الذي يمثل المالكين، بالنسبة للغرب وتحديداً الولايات المتحدة، الرؤساء هم مديرون تنفيذيون ولكنهم ليسوا المالكين، فإذا تحدثت مع الرئيس فسوف يعود لمجلس الإدارة لكي يأخذ الرأي والقرار، أما الرؤساء الأوروبيون فهم مديرون فرعيون ينفذون ما يريده المدير الأكبر، ليس لهم قرار، سوف يقولون لك اسأل المدير”.
وبيّن الرئيس الأسد، أن أعضاء مجلس الإدارة الذين يمسكون بالقرار، هم الشركات الكبرى وأوضح أن “المشكلة مع هؤلاء أن مصلحتهم في الحروب، فإذا قلت لهم سنذهب للحرب فسيقولون لك هذا جيد سوف يأتينا بالأموال وهلم جراً، أي شيء لا يخدم مصالحهم المادية ليس له قيمة لذلك في الغرب لا توجد سياسة، أنت تتحدث عن السياسة في الغرب توجد مصالح آنية يومية مؤقتة، مصالح خاصة، مصالح مجموعات ضغط، وكلها تدور حول الأموال والنفوذ الشخصي، نأخذ مثالاً ترامب كان ضد الحروب عندما أتى رئيساً وكان يريد أن ينسحب من الشرق الأوسط وينسحب من سوريا، ما الذي حصل؟ الذي حصل أنه قام بضربة صاروخية على سوريا، لماذا؟ لأنهم هددوه وقالوا له بأننا سنحاكمك لعدم الأهلية، وكانت النتيجة أنه ضرب سوريا لكي يقدم لهم شهادة حسن سلوك، أو لكي يعطوه شهادة حسن سلوك بالأحرى، هكذا يدار الغرب، لذلك إذا أردت أن تتحدث مع سياسي، لا يوجد”.
الأمر نفسه أشار إليه الرئيس الأسد، عندما وجّه إلى الصحافي الروسي سؤالاً مفاده “أعيد عليكم السؤال الذي طرحه الصحفي تاكر كارلسون لبوتين: بايدن أم ترامب؟”، إذ أجاب الرئيس الأسد: “الشكل الإعلامي والإحصائيات تقول إن ترامب سيفوز، أما بالنسبة لنا دائماً فنقول الرؤساء الأمريكيون متشابهون، كما قلت لك قبل قليل كلاهما مدير تنفيذي، ولا واحد منهما يصنع السياسة، علينا أن نسأل من هو صانع السياسة الحقيقي الذي يعمل خلف ستار الذي سيفوز، هو نفسه، اللوبيات والإعلام والمال أقصد المصارف، والسلاح والنفط، هو الذي سيفوز بكل الأحوال”.
وفيما يتعلق بالتقارب العربي- السوري، وتغيّر الموقف العربي من سوريا وإعادتها إلى محيطها العربي، أكد الرئيس الأسد، أنه “عندما تتمسك بمصالحك الوطنية وبمبادئك فربما تدفع ثمناً وتتألم، وربما تخسر على المدى القريب، لكن على المدى البعيد سوف تربح. سوف تربح الوحدة الوطنية ولاحقاً لا بد أن تتغير الأحوال وتربح كل شيء تطمح إليه في وطنك”.
وأضاف: “تجارب الدروس الموجودة من خلال العلاقة مع أمريكا من شاه إيران إلى ما بعد، كلها نماذج تدل على أن العلاقة مع الغرب هي علاقة مؤقتة، فإذا قدمت للغرب كل ما يريد فهو سيستخدمك وسيدعمك، ولكن عندما ينتهي دورك سوف يلقي بك في سلة المهملات، انتهى دورك، هذا حصل مع شاه إيران وحصل مع كثير من الأسماء التي لا أريد أن أذكرها الآن في عدة دول لأنها ربما ستثير حساسيةً، البعض منها في دول عربية لأشخاص وقفوا مع أمريكا في كل مفصل وعندما احتاجوا أمريكا لم تقف معهم، بكل بساطة هذا هو الغرب”، موضحاً “هذا هو الدرس الأول لا تبادل أو لا تتنازل عن مصالحك الوطنية مقابل دعم خارجي لا غربي ولا غير غربي، المصالح الوطنية أولاً وثانياً وثالثاً وعاشراً، وبعدها تأتي العلاقات الخارجية، هذا هو الدرس”.