خاص|| أثر برس تشهد الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة حالة تصعيد لافتة، إذ بات من الصعب التنبؤ بمستقبل هذه المعركة، سيما بعد حادثة “البيجر” ومحاولات اغتيال قادة حزب الله وما تبعته من استهدافات متبادلة بين جيش الاحتلال وحزب الله.
حادثة البيجر والاغتيالات التي طالت قيادات عدة في حزب الله، أثارت تساؤلات عدة حول جهوزية حزب الله واستعداده لحرب مفتوحة مع الكيان الإسرائيلي، بينما علّقت “زميلة في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب” وهي منظمة بحثية مقرها فلسطين المحتلة على هذه الحادثة بقولها: “إنّ الهجوم، التكتيكي، لن يؤدي إلى تحرك أي مقاتل من حزب الله من جهة الشمال”، وفق ما نقلته صحيفة “نيوروك تايمز” الأمريكية.
أما على الصعيد الميداني، نفذ الحزب استهدافات عدة طالت مناطق في فلسطين المحتلة لم تكن مشمولة ضمن تعليمات “الجبهة الداخلية” للكيان الإسرائيلي، وعلى الرغم من الغارات “الإسرائيلية” المكثفة التي تبعت هذه الاستهدافات وصف الناطق باسم البيت الأبيض جون كيربي المشهد بقوله: “التصعيد العسكري ليس في مصلحة إسرائيل”.
وفي هذا الصدد أوضح المحلل السياسي اللبناني حسّان عليان، في حديث لـ”أثر برس” أن الضربات التي ينفذها حزب الله ضد الأراضي المحتلة، تشير إلى أن القيادة والسيطرة في الحزب لم تتأثر بهجمات “البيجر” أو باغتيالات قادة الحزب، وكذلك لم تتضرر قدراته العسكرية وآليات التحكم بها.
ما حدود التصعيد؟
صادق جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل يومين، على قرار توسيع عملياته على الجبهة اللبنانية وتنفيذ عمليات جديدة.
وفي هذا الصدد رجّح الخبير عليان أن يبقى التصعيد محصوراً في الجبهة اللبنانية، مستبعداً أن تتجه الأمور نحو اندلاع حرب شاملة.
الأمر الذي أكدته قناة “12” العبرية، إذ أفادت بأن التقديرات في الكيان الإسرائيلي تشير إلى أن حزب الله يوسّع دائرة استهدافاته لمناطق إضافية في فلسطين المحتلة، لافتة إلى أن “القرار في إسرائيل هو “التصعيد التدريجيّ، من دون أن يصل ذلك إلى حرب شاملة مع حزب الله”.
ما الذي يردع كيان الاحتلال؟
تدعو التقديرات الأمريكية والغربية، الكيان الإسرائيلي إلى حساب خطواته ضد لبنان بشكل جيد، ففي آب الفائت نقلت مجلة “الإيكونومست” الأمريكية عن “ضابط إسرائيلي” قوله: “إن القوة النارية لحزب الله أصبحت أكثر دقة، حيث بات حزب الله يستخدم طائرات مسيرة صغيرة لتحديد الأهداف وبعد يوم أو يومين، تستخدم طائرات مسيرة أكبر لمهاجمة تلك الأهداف بدقة شديدة”.
بدورها، نوّهت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير لها بأن “معظم أسلحة حزب الله هي ذخائر غير موجهة من الدرجة الأدنى، وقد تهدد أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية إذا أطلقت بأعداد كبيرة”، مضيفة أن “الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لإسرائيل هو الذخائر الدقيقة التي قال حزب الله إنه يمتلكها”.
وفي هذا الصدد، أشار المحلل عليان، إلى أن “حزب الله أوضح في ضرباته السابقة أنه لا يريد التصعيد، لكن أمين عام حزب السيد حسن نصر الله أكد سابقاً أنهم لا يريدون حرباً شاملة ولكن إذا فرضت فنحن لها، بمعنى أنهم لا يخشونها ولكن لا يريدونها”.
أما على صعيد “الداخل الإسرائيلي” فأشار المحلل السياسي اللبناني حسّان عليان، إلى الانقسامات الحاصلة داخل حكومة الاحتلال والضغط الشعبي ضد “بنيامين نتنياهو” بسبب ملف “الأسرى الإسرائيليين” وفقدان ثقة المستوطنيين الإسرائيليين بجيشهم، بعد الخرق الأمني الذي حدث في “طوفان الأقصى” إلى جانب حالة الهجرة المعاكسة التي تزايدت بشكل كبير بعد تاريخ 7 تشرين الأول 2023، وفي هذا الصدد، أفاد تقرير لقناة “الجزيرة” بأن “قرابة نصف مليون ممن كانوا خارج البلاد قبل عملية طوفان الأقصى لم يعودوا، فيما غادر 375 ألفا بعد الحرب”.
ماذا عن سوريا؟
منذ انطلاق “طوفان الأقصى” تتأرجح التوترات بين التصعيد والتهدئة، وفي الحالات كافة حافظت دمشق على موقفها المؤيد لحركات المقاومة، سواء كان في بياناتها الرسمية أم بمواقفها في المحافل الدولية والأممية، أما على الصعيد الميداني، فكان لافتاً بعد عملية “طوفان الأقصى” تزايد الغارات “الإسرائيلية” على سوريا، وفي هذا الصدد، أشار عليان إلى أنه في الحرب السورية وقف حزب الله إلى جانب دمشق فيها، مشيراً إلى أن هذه الحرب شكّلت انعطافة كبيرة جداً وأسست لمرحلة استراتيجية في العلاقة العضوية بين الجانبين، ولم يستبعد أن يكون لهذا التصعيد تأثيراته في سوريا، من ناحية استمرار الكيان الإسرائيلي بتنفيذ استهدافات لسوريا.
وفي المحصلة، تشير التقديرات إلى أن المرحلة المقبلة ستكون رهن معادلات واستراتيجيات جديدة يرسمها الميدان، لافتة إلى أن الكيان الإسرائيلي أظهر تقدماً تكنولوجياً عالياً، وعلى الجهة المقبلة أبدت حركات المقاومة حالة من التنسيق في التخطيط وانسجاماً في آليات التنفيذ إلى جانب التطور العسكري من ناحية نوعية الأسلحة التي تمتلكها وقدرتها على تجاوز خطوط لم يسبق لدول أن تخطتها.
زهراء سرحان