لم يأخذ قرار الدخول البري إلى الجنوب اللبناني، الكثير من الوقت لحسمه، إذ بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد منتصف ليل الإثنين 30 أيلول الفائت، بعملية توغل بري في تطور نقل التصعيد الحاصل إلى مرحلة جديدة، وفق ما أشار إليه خبراء ومحللون.
وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة “هآرتس” العبرية عن المحلل العسكري “عاموس هارئيل” في مقالة ترجمتها وكالة “الأناضول” التركية، قوله: “العملية البرية تتطلب قتالاً صعباً، وستؤدي إلى وقوع قتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي” مضيفاً أنه “على مر السنين نُوقشت خطط مختلفة، من الدخول المحدود إلى المناطق ذات التضاريس القيادية إلى احتلال كل الأراضي الواقعة جنوب نهر الليطاني، لكن نظراً للاستعدادات التي قام بها حزب الله على مر السنين لهذا الهجوم، فلن تكون هذه مهمة سهلة، حتى لو فر العديد من عناصر حزب الله شمالاً”.
وحذّر “هارئيل” من أن “الإنجازات التي حققها الجيش مؤخراً شجعت مزاجاً من الغطرسة في استوديوهات التلفزيون، حيث يتنافس المذيعون والخبراء في تقدير ضعف العدو والإشادة بالعبقرية الإسرائيلية، ولكن يجب أن نتذكر أن صافرة النهاية لم تنطلق بعد، وأن أعداءنا، من إيران إلى حزب الله وحماس، ما زالوا قادرين على الرد، حتى ولو لحقت بهم أضرار جسيمة”.
وأشار العميد المتقاعد عادل مشموشي، في مقالة نشرتها صحيفة “الإندبندنت عربي” إلى أنه “الآن لا أحد يجزم بالأهداف الميدانية للعدو الإسرائيلي، لأن ذلك يتوقف على الغاية من الاجتياح، فإن كان الغرض منه هو وقف وصول الصواريخ قصيرة المدى إلى المستوطنات فإن التوغل بعمق ما بين 20 و25 كيلومتراً سيسمح بذلك، إلا أن توغلاً كهذا لا يوفر إمكانيةً للعيش بأمان في المستعمرات كون الحزب يمتلك صواريخ متوسطة المدى وأخرى بعيدة المدى كما مسيرات قادرة للوصول إلى أهدافها في العمق الإسرائيلي”.
وأضاف أن “إسرائيل تعتبر هذه المعركة أم المعارك وآخرها لفرض مشيئتها أو اتفاقيات لوقف النار ترغم من خلالها خصومها على القبول بشروطها الإكراهية”.
من جانبه، أشار رئيس تحرير جريدة “الأخبار” اللبنانية إبراهيم الأمين، إلى الهجوم البري الإسرائيلي والرد الإيراني الذي استهدف عمق الأراضي المحتلة، مشيراً إلى أن “نجاح المقاومة في تحقيق ضربات نوعية ضد العدو، سواء على الحدود، أو في عمق الكيان، يمثل العامل المركزي الذي يعيد ترتيب أولويات العدو، وليس هناك أي شيء آخر على الإطلاق، إسرائيل تخوض الحرب منذ عام تحت عنوان الحرب الوجودية، وهذا يعني أن على جبهة المقاومة القتال أيضاً من منطلق (الحرب الوجودية). وما بدأته المقاومة بالأمس، من ضربات نوعية جديدة، يمثل بداية مرحلة مختلفة، وإذا كان العدو منشغلاً في تقدير حجم الضرر الذي تسبّبت به عملياته، فإنه لم يعد يوجد أمام المقاومة سوى خيار الهجوم القاسي كوسيلة وحيدة لردع العدو، وما عدا ذلك، فإن كل الأفكار السياسية والحديث عن تسويات ليس سوى سراب بسراب”.
يشار إلى أن اليوم الأول من العملية البرية “الإسرائيلية” انتهى من دون أن يتمكن جيش الاحتلال من اجتياز الحدود اللبنانية، وبدأ اليوم الثاني منها بكمين أعده مقاتلي حزب الله في منطقة العديسة جنوبي لبنان وانتهى بمقتل عدد من “الجنود الإسرائيليين” وإصابة آخرين بجروح، وفق ما أكدته تقارير عبرية.