خاص|| أثر برس كشف رئيس قسم الأمراض الإنتانية في مستشفى الأطفال الجامعي بدمشق والأستاذ في كلية الطب البشري (اختصاصي الأمراض الإنتانية والمعدية عند الأطفال) د.عصام انجق أن هناك فرق شاسع بين جدري القردة وجدري الماء.
وقال د.انجق لـ “أثر”: “اسم الجدري جاء من نوع الاندفاع الذي يسببه المرض وهناك تشابه بالأعراض بشكل عام خاصة بشكل الاندفاعات في جدري الماء أو جدري القردة حيث تبدأ على شكل احمرار مترافق مع ارتفاع بسيط لسطح الجلد وتتحول هذه الاندفاعات إلى حويصلات ومن ثم تنثقب هذه الحويصلات ويخرج منها ماء رائق ثم تتبثر وتصبح عليها قشور وثم تزول”، مضيفاً: “اسم الجدري أتى من تشابه الإصابة وتشابه الاندفاعات؛ ولكن هناك اختلاف كبير في العائلة الفيروسية لكلا المرضين؛ فجدري الماء هو من عائلة (الفيروسات العقبولية) بينما جدري القردة هو من عائلة مختلفة تماماً، وجدري الماء يصيب الإنسان فقط؛ بينما جدري القردة يصيب بعض الحيوانات ومن بينها القردة”.
إحصائيات
فيما يخص عدد حالات جدري الماء في سوريا، ذكر د. انجق لـ”أثر”: “ليس هناك إحصائية دقيقة عن الموضوع؛ ولكن هذا المرض منتشر بشكل عام لدى الأطفال ويصيبهم لمرة واحدة عادةً وقد تتكرر الإصابة عند نفس الطفل مرة أخرى خاصة إذا كانت الإصابة الأولى بسيطة وحدثت قبل عمر السنة؛ أما الإصابة بشكل عام عند الأطفال فهي تؤدي إلى مناعة داعمة؛ لذلك غالباً يصاب الأطفال بهذا المرض لمرة واحدة”؛ مشيراً إلى أن هنالك حالياً لقاح لهذا المرض يعطي مناعة ويعُطى للأطفال بعمر فوق السنة على جرعتين بفاصل سنة بين الجرعة الأولى والثانية.
وأوضح د.انجق أن “مرض جدري الماء هو مرض منتشر يُشاهد على مدار العام ولكن يكثر في فصلي الربيع والصيف وهو مرض سليم ونادراً ما يترافق مع بعض الاختلاطات الخطرة كالتهاب الدماغ أو المخيخ التي قد تؤدي إلى بعض العقابيل، أما بالنسبة لمرض جدري القردة فهو مرض صعب ونسبة الوفيات فيه أعلى بكثير”.
وأكد د.انجق أن جدري الماء لا يتطور إلى جدري قردة أو بالعكس وذلك لأن الفيروس المسبب لكل مرض مختلف عن الفيروس الآخر من حيث الشكل والبنية ومن حيث العائلة التي ينحدر منها كل فيروس.
وتابع: “معدل انتشار جدري الماء عند الأطفال هو معدل طبيعي قد يحدث زيادة في بعض السنوات عندما يكون هناك عدد من الأطفال غير مصابين سابقاً، فهناك سنوات يزداد فيها عدد الحالات وسنوات تخف فيها عدد الحالات؛ ولكن جدري الماء يصيب معظم الأطفال ويؤدي إلى مناعة دائمة؛ وعندما يكون هناك (وافدة) لهذا المرض ويصاب عدد كبير من الأطفال تخف الإصابات التي تليها أو لمدة سنة أو سنتين بعد ذلك لتظهر إصابات جديدة”، مضيفاً: “المرض ينتشر أكثر بين أطفال المدارس لأن العدوى فيها أكثر منها قبل سن المدرسة؛ وممكن أن تنتقل من الطفل في المدرسة لإخوته الأصغر في المنزل؛ والانتقال يكون عن طريق المفرزات التنفسية كالسعال والعطاس بالإضافة إلى الانتقال عبر الملامسة للاندفاعات لأن الفيروسات توجد في الاندفاعات وخاصة تلك التي لم تتقشر بشكل كامل”.
وبحسب د.انجق فإن مرض جدري الماء منتشر في أنحاء العالم؛ وبعض الدول أدخلته في برامجها الوطنية لذلك تناقص عدد الحالات في الدول التي أدخلت اللقاح في برامجها ولكن هذا اللقاح مكلف جداً، والمرض سليم عند الأطفال الأصحاء (أي لا يسبب مشاكل عند من تعافى منه)؛ لذلك حتى الآن لم يدخل هذا اللقاح في برنامج التلقيح الوطني في سوريا.
وختم رئيس قسم الأمراض الإنتانية في مستشفى الأطفال الجامعي بدمشق كلامه قائلاً: “جدري القردة منتشر بشكل كبير في أفريقيا وله نمطان نمط موجود في الكونغو ونمط غرب أفريقيا؛ ونتيجة انتقال المهاجرين ووجود عدد من الجاليات الأفريقية في أوروبا الذين يسافرون إلى بلادهم في العطلة الصيفية ثم يعودون إلى أوروبا فهم المصدر لانتشار العدوى لهذا المرض”.
من جانبه، رئيس الرابطة السورية للأمراض الخمجية د.وحيد رجب بيك بيّن لـ”أثر” أن جـدري القردة هو نوع من الإصابات الفيروسية تصيب الحيوانات وتصيب البشر وهو عبارة عن بثور تظهر على الجلد والأطراف والوجه والجذع خاصة على الظهر (بثور متقرحة) ونسبة الشفاء منه عالية؛ لافتاً إلى أن له عدة أنواع، نوع منه نسبة الوفيات به تكون 1% والنوع الثاني نسبة الوفيات فيه 10%، وهناك نوع نزفي وهو النوع الخطير ويطلق عليه اسم (جدري القردة النزفي) وهذا من الحالات الخطرة تصل فيه حالة الشخص للنزف أي حالة دماغية عصبية من الحالات الخطرة.
وأكد د.رجب بيك أن سوريا لم تسجل أي حالة حتى الآن فلا داعي للخوف؛ متابعاً: “انتقال المرض يكون عن طريق التماس المباشر؛ واحتمال الوصول محدود جداً وذلك لأن تواصل سوريا مع الدول الافريقية محدود”.
كيفية الوقاية
أكد د.رجب بيك أنه يجب عدم الاختلاط بالأشخاص وخاصة القادمين من خارج البلاد، وارتداء الكفوف الصحية ووضع كمامة إذا اضطر الشخص للتواصل مع أشخاص من هذا النمط، متابعاً: “نسبة الشفاء عالية ولدينا علاج نوعي؛ وفي حال أصبح لدينا إصابات من المفروض تلقيح العاملين في القطاع الصحي والطبي لحمايتهم من الأشخاص الذين يختلطون معهم؛ لكن كون الاحتمال ضعيف جداً فممكن أن يسبب اللقاح مشكلة أكثر من الفائدة؛ لذلك نطمئن الناس أننا في بر الأمان ولا يوجد أي خوف من وجود إصابات”.
وختم رئيس الرابطة السورية للأمراض الخمجية د.وحيد رجب بيك كلامه قائلاً لـ “أثر”: “جـدري الماء لا ينقلب إلى جـدري قردة، هذه لا تحدث إلا بالمخابر البحثية المتطورة والذين يلعبون بالفيروسات من أجل حدوث حرب بيولوجية ومن المؤكد ليس في نفس البلد الذي يصاب به الشخص بجدري الماء ينقلب إلى جدري قرود؛ فالطفرة تكون واضحة أو يكون الشخص يلعب بالجينات الخاصة بالفيروس”.
دينا عبد