بعد سبع سنوات من الصراع الدامي على أطراف العاصمة الشرقية، يأمل سكانُ غوطة دمشق انتهاء معاناتهم، والبدء بحياة جديدة تاركين خلفهم عشرات الصفحات من المآسي والأوجاع، وفي الأثناء، يؤمّل سكانُ دمشق أنفسهم بالسيرِ في شوارع الشام بدون الخشية من قذيفة هاون، بعد معاناة يوميّة من القذائف الطائشة التي عكّرت حياتهم.
مرحلة جديدة مرتقبة على ضفتي الصراع، لأُناسٍ قُدّر لهم بأن يكونوا في جغرافية معينة، وأمر واقع، وكُتب عليهم الشقاء والعناء طيلة سنوات الحرب.
تنتهي صفحة هامّة من صفحات الحرب السورية، والعبرة في الخواتيم، والخواتيم قالت بشكل صارخ أن السياسة لا تُلقي بالاً للمدنيين، بل هم مجرّد أرقام وأوراقٍ وحسابات، أو تصفية حسابات بين دول إقليمية.
مشاعري مُختلطة، بين الفرح لانتهاء العمليات العسكرية في جزء كبير من غوطة دمشق، الأمر الذي يعني انتهاء معاناة الكثير من المقاتلين والمدنيين على حدّ سواء، وبين الحزن لمن مضى -بدون ذنب- في هذه الحرب اللعينة.
أفرح لأني ربّما سأنام أنا ومئات الآلاف في دمشق والغوطة بدون خشية عدم الاستيقاظ في اليوم التالي، وأحزن على أولئك الذين ناموا إلى الأبد في ريعان شبابهم..
أفرح لأن هذه الحرب لا بدّ أن تنتهي كيفما انتهت، وأحزن أنها انتهت على جثث الآلاف من خيرة شبابنا وأهلنا.
أفرح لأني سأزور الغوطة مرة أخرى، وسيزور ابنُ الغوطة دمشق مرة ثانية، وأحزن لأني سأزور دمارها ورُكامها وبقايا أطلالها.
أفرح لأن أطفالنا ستذهب إلى مدارسها آمنة، وأمّهاتهم مطمئنات القلب، وأحزن لأن جيلاً كاملاً لا يعلم ما هو الفرح والضحك والأمان… والموز طيلة سنوات خلت.
مسؤولية كبيرة تقع على عاتقنا لنستوعب لا لنحرّض.. لنقل الصورة الطيبة لا الخبيثة، للمساعدة في إعادة إعمار النفوس المسحوقة بعد ثمان سنوات حرب..
المسامحة والمصافحة والمصالحة ليست امتيازاً، بلٌ خيارٌ وحيد لا ثاني له إذا ما قرّرنا الاستمرار..
وعقدٌ اجتماعي جديد يجمع بين غالبيّة السوريين، ويرحم من تبقى منهم.. على أمل أن نكون قد تعلّمنا من درس قاس كلّفنا مليون سوري.. بين شهيد وجريح وغائب ومغيّب ومسافر ومهاجر.. وعشرة ملايين آخرين بين نازح ولاجئ.
ماهر المونس