ضجت معظم وسائل الإعلام بالحديث عن الضربة العسكرية التي تهدد بها أمريكا في سوريا، بذريعة استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل الحكومة السورية في مدينة دوما، بالرغم من عدم وجود أي دليل يؤكد هذا الأمر، وعمدت بعض وسائل الإعلام على التركيز بالحديث عن حجم هذه الضربة لا سيما بعدما تحدثت الولايات المتحدة عن احتمال مشاركة كل من فرنسا وبريطانيا فيها، لكن المحللين في بعض الصحف البارزة كان لهم رأي مختلف بالحديث عن هذا الموضوع.
فأكدت صحيفة “نيويورك تايمز” أن هذه الضربة تشكل خطورة كبيرة على أمريكا إن لم يخطط لها بدقة، حيث نشرت في صفحاتها اليوم:
“على الرئيس الأمريكي أن يعلم أن الحديث القاسي دون استراتيجية أو خطة متماسكة هو أمر خطير، وما يجب فعله بعد ذلك في سوريا يعدُّ اختباراً حاسماً له، وهو الذي يتجنب الدور القيادي الأمريكي التقليدي، إذ يحاول أن يظهر بأنه شخص قيادي قادر على اتخاذ القرارات واستخدام القوة التي لم يستخدمها سلفه باراك أوباما، إلا أنه في الوقت نفسه يتحدث عن الانسحاب من الشرق الأوسط والابتعاد عن الالتزامات الدولية.. ومن دون خطة واضحة وموحدة مع الحلفاء الغربيين، فإن أي عمل لن يؤدي إلا إلى تمكين دور الرئيس الأسد”.
وكشفت “واشنطن بوست” الأمريكية أن الهدف من هذه الضربة إن وقعت، هو فقط حماية المصالح الأمريكية، فقالت:
“إن بعض القذائف والصواريخ لن تغير أي شيء في سوريا، وأن ما يجب فعله الآن هو استراتيجية منسقة لحماية المصالح الأمريكية الحيوية”.
أما “الحياة” السعودية فأكدت أن أمريكا وفرنسا وبريطانيا لن تتمكن من شن هذه الضربة واقترحت البديل بقولها:
“أصبحت هذه الدول حذرة جداً من إرسال قوات أو القيام بضربات.. الحل هو في التوصّل إلى توافق أميركي-روسي على وضع جديد في سورية يضمن انتقالاً سياسيا، ولكن، لا أحد يثق بالسياسة الأميركية لأنها منحازة كلياً لما يريد الكيان الإسرائلي”.
وفي صحيفة “رأي اليوم” جاء مقال يؤكد أن نهاية هذه التهديدات ستكون نهاية الوجود الأمريكي في سوريا، حيث جاء فيها:
“الرئيس ترامب تَورَّط مِن خِلال تهديداتِه بِتَوجيه ضَربات انتقاميّة، ولا يَستطيع أن يَتراجَع ويَظهَر بِمَظهَر الضَّعيف المُترَدِّد، ومن غَير المُستبعَد أن يَكون عُدوانه الثُّلاثي المُقبِل استعراضيّا، وسَتكون أهدافه سوريّة مَحضَة، لِتَجنُّب احتكاك روسيّ، بعد تَهديدات رئيس هيئة أركان الجيش الروسي، بأنّ القُوّات الرُّوسيّة ستَرُد ليس فقط على الصَّواريخ في حالِ تَعرُّض أرواحِ الجُنود الرُّوس للخَطر، وإنّما على القَواعِد والسُّفن التي انطلقت مِنها أيضاً.. السَّاعات القادِمة ربّما تَكون الأخطَر في تاريخ المِنطَقة العَربيّة مُنذ عُقود، وقَد تُؤرِّخ لانسحاب أمريكيّ شامِل، وبِدء مَرحَلة الانعزال الأمريكي الذي يُلَوِّح بِه الرئيس ترامب”.
يلاحظ أن أغلب الصحف الأجنبية والعربية المستعرضة على اختلاف توجهاتها تتفق على فكرة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تورط في تهديداته التي من الصعب أن ينفذها، كما أن نتائج هذه الضربة إن وقعت سيكون لها ارتدادات سلبية على أمريكا، إضافة إلى أن اعتماد أمريكا على مشاركة كل من بريطانيا وفرنسا في الضربة غير مضمون، خصوصاً بعدما كشفته صحيفة “التايمز” البريطانية حول اتصال رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي هاتفياً بترامب لتبلغه بعدم استعداد بلادها للمشاركة بهذه الضربة، بسبب عدم توفر الأدلة الكافية التي تثبت استخدام الكيميائي حتى الآن.