“عملية جديدة للقوات التركية في سوريا” هذا ما صرح به الرئيس التركي أردوغان يوم أمس في توقيت يحمل الكثير من التبعات التي قد تغير منحى سير الخطط الأمريكية في سوريا.
حیث نقلت وكالة “الأناضول” التركية أمس الأحد، عن أردوغان قوله: “قريباً سنحرر مناطق جديدة ونجعلها آمنة (في سوريا)” حسب تعبيره. تصريحات الرئيس التركي تأتي بالتزامن مع الحديث عن عملية عسكرية وشيكة للقوات السورية في محافظة إدلب، حيث أفاد موقع “شام تايمز” نقلاً عن مصدر ميداني سوري عن بدء توافد قوات استطلاع روسية إلى مطار أبو الظهور العسكري في إدلب استعداداً للعملية ما قد يشير إلى قبول تركي بشن عملية في المنطقة.
الصمت التركي بخصوص عملية إدلب لن يكون دون مقابل، حيث توازت عملية “درع الفرات” مع استعادة القوات السورية سيطرتها على حلب، وتوازي خروج الفصائل من الغوطة الشرقية مع عملية “غصن الزيتون” التي نقلت فصائل الغوطة من محيط العاصمة إلى الشمال السوري لتمكين الحزام الأمني التركي في وجه الأكراد، وبالتوازي مع عملية إدلب قد يكون هناك عملية عسكرية تركية جديد تحت مسمى جديد.
يأتي ذلك في ظل تصاعد الأزمة القائمة بين تركيا وأمريكا والتي تستند في أبعادها الاستراتيجية إلى المشروع الأمريكي في شمال شرق سوريا والذي يعتبر أحد الخطوط الحمراء لتركيا، حيث صرح أردوغان يوم السبت الفائت في تجمع مماثل في ولاية ريزه شمال شرقي تركيا: “ما نفهمه مما يحدث أن تركيا وهي تنمو وتتطور وتزداد قوة وتأثيراً، تضغط على أقدام البعض (في إشارة إلى أمريكا)، ولو أننا التزمنا الصمت إزاء الممر الإرهابي (قوات سوريا الديمقراطية) الذي كان يسعى لإنشائه في سوريا على حدودنا، وقبلنا بمطامع بعض الأطراف بجزء من أراضينا، لما مررنا بالأزمات التي نعيشها الآن” حسب قوله.
أين ستكون العملية العسكرية التركية المقبلة؟
مما لا شك فيه بأن العملية العسكرية التي تحدث عنها أردوغان إن حصلت فستكون في وجه الأكراد، وتوقع مراقبون أن تكون تلك العمليات باتجاه منطقتي كوباني وتل أبيض، لتوسيع الحزام التركي في الشمال السوري، وصرح أردوغان قبل أشهر بأن العمليات العسكرية ضد الوحدات الكردية لن تتوقف وستمتد إلى شرق الفرات، وفي حال بدأت تلك المعركة فستعاود تركيا استخدام العنصر البشري السوري من قوات المعارضة بتغطية جوية تركية وبإشراف من ضباط أترك يعطون التعليمات من غرف العمليات لكي لا يتعرضو لأذى في المعارك التي يخوضها السوري بوجه السوري، بشكل مشابه لما جرى في عمليتي “غصن الزيتون” و”درع الفرات” اللتان أصبحتا تحت سيطرة المخابرات التركية وتعانيان من انتشار فوضى السلاح.
قدم الأكراد مئات المقاتلين دفاعاً عن مدينة كوباني التي أصبحت أحد الرموز الكردية في العالم وفي حال بدأت تلك العمليات، فستستهدف في البداية تلك المدينة مما قد يؤدي إلى مقاومة كردية عنيفة كون المنطقة منفتحة لوجستياً على باقي المناطق الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” بصورة مغايرة لمدينة عفرين التي فصلت خلال عملية “درع الفرات” عن باقي مناطق الأكراد باستثناء بعض الطرقات التي كانت تخضع لسيطرة القوات السورية، ويأتي ذلك في ظل تقارب بين الحكومة السورية والقوات الكردية، حيث يتوقع مراقبون أنه في حال نأت أمريكا مرة أخرى بنفسها عن تلك العمليات فمن المرجح أن تخضع الوحدات الكردية للحكومة السورية من أجل الحصول على حماية لباقي البلدات السورية التي تنتشر فيها، خصوصاً بعد التصريحات الكردية الأخيرة عن استعداداها للمشاركة في معركة إدلب.
فهل ستندلع المعركة وتترك أمريكا الأكراد وحدهم مرة ثالثة ليواجهوا مصيرهم مع الطائرات التركية التي لا تميز بين مدني ومقاتل، أم أن التصريحات التركية هي مجرد محاولات لإجبار أمريكا على وقف عقوباتها التي بدأت تؤثر بشكل جدّي على الاقتصاد التركي؟