يبدو بأن المصلحة الروسية- التركية- الإيرانية قد اجتمعت على الضغط لإخراج القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا في هذه المرحلة من عمر الحرب السورية، حيث بدأت فترة الضغط الفعلي والعملي وإن كانت في مراحلها الأولى.
تطبيق تلك الضغوط التي تصب في مصلحة الدول الثلاثة بدأت تظهر عبر هجمات سياسية تخللتها بعض الأفعال الميدانية، حيث وافق البرلمان التركي يوم أمس على تمديد صلاحية السلطة التركية بشن عمليات عسكرية في كل من سوريا والعراق لمدة عام آخر، بحسب ما أفادت وكالة “الأناضول” التركية، وجاء ذلك بعد ما نقلت نفس الوكالة في الرابع والعشرين من الشهر الفائت تصريحات للرئيس التركي بأن بلاده تعتزم “اتخاذ خطوة مهمة تجاه مناطق شرقي الفرات، على غرار مناطق شمالي حلب”.
وفي سياق ذلك قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، في مؤتمر صحفي عقده أمس الأربعاء عقب اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة أردوغان أن “التوترات في المنطقة ستتصاعد في حال بقاء التواجد الأمريكي في سوريا بذريعة مواجهة الوجود الإيراني”.
أما على الصعيد الروسي، فقد عاد الرئيس فلادمير بوتين يوم أمس للتأكيد على ضرورة خروج القوات الأمريكية من سوريا كونها لا تمتلك أي شرعية لتواجدها، في حين تجسد الضغط الميداني بالرسائل الصاروخية الإيرانية التي وصلت يوم الأحد الفائت مستهدفةً مراكز لتنظيم “داعش” في شرق الفرات وهو الأمر الذي فهمته الولايات المتحدة ورأت فيه تهديداً لقواعدها العسكرية التي تبعد عن مكان الصواريخ الإيرانية بضع كيلومترات.
موافقة الرئيس الروسي على تجنيب إدلب عن شن أي عمليات عسكرية نحوها، قد يكون جاء للمحافظة على الموقف التركي بشأن القوات الأمريكية في سوريا من جهة ولقلب الموقف الأمريكي من المهاجم لمنع حدوث عملية إدلب، إلى المدافع عن تواجده العسكري في شمال شرق سوريا بوجه الحملة الروسية – الإيرانية – التركية التي صُعدت في الأيام القليلة الماضية.
بات من الواضح أن التنسيق بين الأطراف الثلاثة قد بات بأعلى مستوياته وتمكن الرئيس الروسي من نقل تركيا من المظلة الأمريكية إلى المظلة الروسية بشكل شبه كامل، حيث ظهر عمق التحالف بوضوح من خلال تصريحات الرئيس التركي في خطابه أمام جلسة البرلمان التركي أول أمس عندما انتقد فرض العقوبات الأمريكية على إيران وصرح بأن العلاقات التركية – الروسية ستتعمق في المرحلة المقبلة مضيفاً أن الولايات المتحدة قد فقدت ثقة دول العالم.
من جانبه جدد “مجلس قوات سوريا الديمقراطية” يوم أمس استعداده للتفاوض مع الحكومة السورية بعد أن رصد تطورات المشهد سياسياً وبعد أن أوقف تلك التفاوضات لأشهر.
وعليه، يبدو بأن سياسة الرئيس الأمريكي في حربه الاقتصادية العالمية التي أدت إلى تعميق الأزمة التركية – الأمريكية قد بدأ يدفع ثمنها عسكرياً خصوصاً في ظل وجود شخص مثل بوتين الذي يرصد أي خطأ سياسي أمريكي لاستثماره في كافة المجالات.