نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية مقالاً للكاتبة “نسرين مالك” تتحدث فيه عن سبب تصدر قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي الصفحات الأولى من الصحف العالمية، حتى وبعد انقضاء شهر تقريباً على تلك الحادثة.
وجاء في المقال:
لم يكن من المتوقع أن تدوم هذه الحملة الإعلامية العالمية هذه المدة الطويلة، والتي تغطي حادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وتبعاتها السياسية التي تلتها، وإن أبرز المتفائلين لم يكن يتوقع أن تدوم أكثر من 3 أيام.
وبعد مرور شهر على دخوله مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول واعتراف السعودية بقتله داخلها، تفسيرها ذلك بـ3 روايات متناقضة حتى اليوم، ما زال الحديث عنه يتواصل ويتصدر العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام.
ولا يعود سبب هذا الضخ الإعلامي لأن خاشقجي كان صحفياً، لأن هناك الكثير من الصحفيين يقتلون أو يخطفون ولا تنشر قصصهم في الصفحات الأولى حتى أنه لم يكن مشهوراً، ولكن كان يملك ميزة جيدة، وهي صلاته القوية بوسائل الإعلام الغربية.
ولم يكن خاشقجي أيضاً قائداً للمعارضة، إذ أن هناك الكثير من السعوديين المعروفين المعارضين سياسياً للنظام الحاكم في السعودية ومستهدفين أكثر منه.
وبالرغم من اختيار خاشقجي للولايات المتحدة كمنفى اختياري له، إلا أنه لطالما عرف بأنه كان ينتقد النظام السعودي من منطلق الصداقة وكان يزن كل كلمة يقولوها بحذر، كما أنه لم يؤيد المطالبة بتغيير النظام في البلاد.
ولكن، بالنسبة لشخص معروف جداً في السياسة والإعلام وخدمته في وزارة الخارجية السعودية سابقاً ومغادرته لها، فإن خبر مقتله الذي انتشر في كل مكان وعلم به الجميع، ليس بالأمر الغريب على المسؤولين السعوديين.
وبالطبع، لدى الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين أهدافاً بعيدة المدى من هذا الضخ الإعلامي، فلا بد من تقليم سيوف الحليف الأقوى لهم في منطقة الشرق الأوسط، وإظهار صورة العدالة في المجتمع الدولي حتى ولو إعلامياً أو ظاهرياً.
قد يكون مقتل خاشقجي مأساة كبيرة، إلا أنه ساعد العالم على رؤية ضحايا النظام السعودي كحالة واقعية تعكس الإجرام الكبير الذي يملكه هذا النظام، وليس كإحصائيات أو خسائر جانبية.