خاص|| أثر برس
يبدو أن الحلم التركي بإنشاء “منطقة عازلة” عند الحدود السورية-التركية، بدء بالتلاشي شيئاً فشيئاً، وذلك بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن هذه المنطقة ستكون بإدارة قوات أمريكية وأوروبية.
في 14 كانون الثاني الفائت اتفق الرئيسان الأمريكي والتركي رجب طيب أردوغان، على إنشاء ما يسمى “منطقة آمنة” عند الحدود السورية-التركية، وكان هذا المشروع في ظل مجموعة من التهديدات التركية بشن عملية عسكرية شرق الفرات ضد الوحدات الكردية، وذلك بالتزامن مع الإعلان عن انسحاب القوات الأمريكية من سورية.
هذا المشروع دفع الأكراد إلى إجراء المزيد من المحادثات مع الدولة السورية، خصوصاً بعدما أعلنت واشنطن رفضها لطلب مسؤولين في “قوات سوريا الديمقراطية” والمتعلق بإبقاء بعض القوات الأمريكية في سورية لحمايتهم.
الانسحاب الأمريكي دفع الأكراد بالسعي للتقارب من الدولة السورية أكثر بعدما أدركوا بأن الأمريكان تخلوا عنهم فعلاً، و”المنطقة الآمنة” تولت روسيا الحديث عنها، و”قسد” اقترحت انتشار قوات أممية فيها، هذه الأحداث أنذرت الولايات المتحدة بضرورة إجراء تحركات جديدة لتحافظ على وجود لها في سورية، وفي الوقت ذاته تحافظ على حلفائها من الوحدات الكردية، فطلب ترامب من الدول الأوروبية نشر بعض قواتهم في الشمال السوري، لكن الدول الأوروبية لاقت هذا الطلب بالرفض مشددة على أنه في حال انسحبت القوات الأمريكية من سورية فهم أيضاً سيسحبون قواتهم من البلاد.
وبعد رفض الدول الأوروبية لمقترح ترامب، أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة قررت الإبقاء على عدد من الجنود الأمريكيين في الشمال السوري بعد نهاية نيسان المقبل، وأمس الأحد أعلن أنه ينوي تشكيل قوات أمريكية-أوروبية مشتركة للانتشار في الشمال السوري ومن المتوقع أن تتولى هذه القوى مهمة إنشاء “المنطقة الآمنة”، دون الحديث عن أي وجود تركي في هذه المنطقة حيث نقلت وكالة “باسنيوز” الكردية عن جنرال أمريكي رفض الكشف عن هويته أنه لن يتم السماح بوجود أي قوات في “المنطقة الآمنة”، وخصوصاً من الفصائل المسلحة المدعومة تركياً وأن قوات غربية ستنضم لاحقاً إلى القوات الأميركية، وأضاف مسؤول بالبنتاغون، فضل عدم الكشف عن اسمه أيضاً أن “القوات التركية وقسد لن تدخل “المنطقة الآمنة” المزمع إقامتها من قبل الولايات المتحدة”، وتأتي هذه التصريحات من المسؤولين الأمريكيين بشأن “المنطقة الآمنة” بالتزامن مع تأكيد أردوغان على أن هذه المنطقة يجب أن تكون بإشراف تركي.
هذه التصريحات الأمريكية يمكن اعتبارها بمثابة إعلان صريح من الإدارة الأمريكية على أن واشنطن لن تهدف من مشروع “المنطقة الآمنة” لا دعم الوحدات الكردية ولا حتى الأتراك، وهدفها الوحيد هو الحفاظ على وجود لها في سورية، أما عن الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة الموجودة عند الحدود السورية-التركية بالنسبة لأمريكا، فتعود إلى أن وجود قواتها في هذه المنطقة يضمن لها التحكم باللعبة السياسية وخصوصاً بالورقة الكردية كما تشاء، خصوصاً بعد التقارب الروسي- التركي الأخير، ورغبة الأكراد بعودتهم إلى كنف الدولة السورية.
زهراء سرحان