تبدو الأمور في محافظة إدلب أكثر تعقيداً، وذلك بسبب ازدياد الخروقات من قبل الفصائل المسلحة وازدياد محاولات التسلل المستمرة نحو مواقع القوات السورية في محيط المحافظة، والفلتان الأمني الذي يتمثل بالاقتتالات بين الفصائل والتفجيرات والاغتيالات، إضافة إلى فشل تركيا بتنفيذ اتفاق سوتشي الذي عقدته مع روسيا، وكل هذا يحدث في ظل تأكيد الدولة السورية على إصراراها لاستعادة المحافظة.
نشرت صحيفة “سفوبوديانا بريسا” الروسية حول الوضع في إدلب مقالاً جاء فيه:
“الآن، المشكلة الرئيسية في إدلب هي نشاط جبهة النصرة الإرهابية، وكانت أنقرة قد أخذت على عاتقها مهمة إخضاع مسلحي جبهة النصرة، لكن شيئا لم يتحقق، ويبدو أن دمشق هي الوحيدة التي تسعى في الوقت الحالي، بصورة واقعية إلى حل المشكلة، والرئيس بشار الأسد هو رئيس دولة ذات سيادة، وكرئيس له الحق في استعادة السيطرة على بلده كاملاً”.
وأشارت “الشرق الأوسط” السعودية إلى توتر في العلاقات الروسية-التركية بسبب عدم التزام أنقرة باتفاق إدلب، فقالت:
“حمل إعلان تأجيل زيارة مقررة لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى تركيا، للمرة الثانية خلال أسبوع، مؤشرات إلى تصاعد الخلافات بين الطرفين على خلفية تطورات الوضع في إدلب.. والخارجية الروسية توجه تحذيراتها باستمرار، حيث قالت الناطقة باسمها ماريا زاخاروفا إن موسكو تراقب الوضع في إدلب السورية عن كثب، مشيرةً إلى أن مسلحي جبهة النصرة يحضّرون هناك شن هجوم كيماوي مفبرك”.
ووضعت “العرب” اللندنية احتمال أن تتخلى أنقرة عن كامل وجودها في إدلب بسبب فشلها، إذ ورد فيها:
“يبدو أن تركيا ممكن أن تتخلي عن مدينة إدلب بصورة تامة خصوصاً بعد فشل جهودها بتخليص المدينة من المتطرفين، فمنذ توقيع الاتفاق في شهر أيلول والذي قضى بأن تعمل تركيا على تخليص المدينة من جبهة النصرة التي تسيطر عليها، توسع نفوذ الأخيرة”.
إذ أشار عدد من المحللين في الصحف العربية ووسائل الإعلام، إلى أن تركيا ترغب في كسب المزيد من الوقت حتى لا تستعيد القوات السورية محافظة إدلب، من خلال تكثيف اجتماعاتها مع المسؤولين الروس، لكن النتيجة كانت ازدياد الضغوط عليها، فاتفاقها الذي طالبت به مع روسيا يلزمها بتنفيذ شروط معينة، وحتى “جبهة النصرة” باتت تفرض عليها شروط للتحرك في المحافظة وتسيير دورياتها، لدرجة أنها تمكنت من إيقاف تلك الدوريات لفترة، كما أنها لم تعد تملك أية ذريعة لإبعاد العمل العسكري عن المحافظة، ما يجعل احتمال انسحابها من إدلب ورفع يدها عنها غير مستبعد أبداً، خصوصاً وأنها مهتمة في الحصول على مزيد من المكتسبات في الشمال السوري.