تتحدث الكثير من الصحف والوسائل الإعلامية العربية والغربية عن توقعات بنشوب حرب خلال الصيف القادم قد تشعل المنطقة دون الخوض في تفاصيل ودافع قيام تلك الحرب ومن المسؤول عن قيامها في حال بدأت وما نتائجها.
قد لا يختلف اثنان بأن عدم قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ ما كانت تهدف له في سورية والمنطقة عسكرياً، جعلها تتجه لتحقيقه اقتصادياً وذلك عن طريق تجفيف منابع الاقتصاد الإيراني، بالتوازي مع العقوبات والحصار الاقتصادي الذي تتبعه الولايات المتحدة ضد سورية ولا تتردد الدول العربية بالمساعدة في تطبيقه.
فقرار الإدارة الأمريكية بإلغاء الإعفاءات من العقوبات الأمريكية لثماني دول هي الصين والهند وتركيا واليونان واليابان وكوريا الشمالية وإيطاليا وتايوان والتي تشكل المستورد الأكبر للنفط الإيراني هي بمثابه “إعلان حرب” في حال تمت، كون هذا الإجراء سينعكس سلبياً على أكثر من 80 مليون نسمة وهو الشيء الذي لن تقف الدولة الإيرانية متفرجة أثناء حدوثه، وقد أشار الجنرال “علي رضا تنكسيري” قائد القوات البحرية التابعة للحرس الثوري إلى ذلك عندما قال يوم أمس في تصريح نقلته وكالة “فارس” الإيرانية بأن “إيران ستغلق مضيق هرمز إذا ما تم منعها من استخدامه”.
الخطة الأمريكية لخنق المنطقة اقتصادياً لم تقتصر ضمن إطار التأثير على الاقتصاد الإيراني أو العقوبات التي تتبعها الولايات المتحدة تجاه سورية في هذه المرحلة والتي أدت إلى أزمة المحروقات الأخيرة، وإنما وصلت إلى حدود القيام بإجراءات عسكرية على الأرض بهدف منع قيام أي حلول قد تؤثر إيجاباً على الداخل السوري في ظل هذه الأزمة، حيث نقلت قناة الميادين عن مصدر عسكري قوله “إن الأميركيين بدؤوا بنقل الآليات والسلاح التي دخلت الشرق السوري، منذ معركة الباغوز وتضم معدات لوجستية وآليات مصفحة وأسلحة، إلى القواعد الأمريكية في ريفي دير الزور والحسكة، من أجل تجهيز مجموعات محلية في المنطقة، لتنفيذ هجمات على مواقع سورية وإيرانية في منطقة البوكمال بأقصى ريف دير الزور الشرقي”، في خطة أمريكية واضحة لإعادة عزل سورية برياً بعد الفشل في عزلها عن طريق التنظيمات المتطرفة.
يبدو بأن المجموعة السياسية الأمريكية الجديدة والمتمثلة بترامب وكوشنير وبومبيو تسير خلف الرؤية السياسية الـ”إسرائيلية” بطريقة غير واقعية ولا تصب في المصلحة الأمريكية ولا حتى المصلحة الـ”إسرائيلية”، وكانت العديد من الصحف الأمريكية تحديداً قد أشارت خلال الفترة الأخيرة إلى أن سياسة الولايات المتحدة في خنق المنطقة اقصادياً لن ينتج عنها كما تظن الإدارة الأمريكية تنازلات من قبل دول المنطقة للإملاءات الأمريكية، وإنما وفي حال تمت فستؤدي إلى قلب المنطقة رأساً على عقب.
وبالتوازي مع كل ذلك لا يمكن تناسي الموقف الـ”إسرائيلي” في حال بدأت تلك المعركة، فوصول صاروخين بطريق الخطأ من قِطاع غزّة إلى تل أبيب، وثالث إلى شمالها أحدث حالةً من الإرباك، فكيف سيكون الحال لو انطلقت آلاف الصّواريخ دفعة واحدة؟
وعليه يمكن القول إنه في ظل وجود آلاف الصواريخ الموجهة إلى فلسطين المحتلة فلا يمكن للإدارة الأمريكية الحالية اتخاذ قرار الحرب، وفي حال تطورت الأمور إلى هذا الحد فستضطر الولايات المتحدة إلى تعديل الموقف لتمنع آلاف الصواريخ عن دولتها “العميقة” في ظل إدارة ترامب والمتمثلة بـ”إسرائيل”.