خاص|| أثر برس
تزامن بدء إرسال القوات السورية لتعزيزاتها العسكرية الضخمة إلى محيط ريف حماة، مع تكثيف المحادثات الأمريكية-التركية حول المشروع مايسمى بـ “المنطقة الآمنة” في الشمال السوري، وأعلنت أنقرة حينها أن واشنطن تبدي مرونة في المحادثات بالرغم من أن هذا المشروع تسبب سابقاً بخلافات عديدة بين الطرفين، بسبب رفض واشنطن لشروط أنقرة.
ويبدو أن انطلاق العملية العسكرية بعد وصول هذه التعزيزات إلى محيط الريف الحموي، ذكر تركيا بالرسائل الروسية العديدة التي وُجهت لها سابقاً والتي كانت تؤكد باستمرار على عدم التزام أنقرة ببنود اتفاقات سوتشي وأستانة كما ذكرتها بتأكيد المسؤولين السوريين على أن الدولة السورية ستستعيد كافة أراضيها المحتلة من ضمنها المناطق التي تحتلها تركيا وأمريكا.
كما يبدو أن الإعلان عن البدء بهذه العملية تسبب بتوتر لدى كل من أنقرة وواشنطن، لأنه فيحال استمرت هذه العملية وتوسعتفهذا يعني أنه من المحتمل أن تصل إلى مناطق الشمال السوري، وهذا ما يفسر تركيز تركيا في حديثها على مناطق الشمال السوري أكثر من إدلب وأرياف حماة واللاذقية، كما يفسر إعطاء الولايات المتحدة الأولوية لتركيا في ما يتعلق بـ”المنطقة الآمنة” وتخليها عن حلفاءها الأكراد، وذلك لأن هذه العملية تضر بمصالح واشنطن في سورية أيضاً حيث تعتبر الولايات المتحدة بحاجة ماسة الآن لإنشاء هذه المنطقة، وفي الوقت الذي رفضت فيه الدول الأوروبية المقترح الأمريكي المتعلق بإنشاء قوة مشتركة في تلك المنطقة ما نتج عنه اجتماع المصالح الأمريكية-التركية بإنشاء قوة مشتركة في الشمال السوري.
أيضاً، يشير انطلاق هذه العملية إلى أن طلب تركيا للوساطة الروسية بهدف منع حدوث أي عمل عسكري في المناطق التي تنتشر فيها القوات التركية والفصائل الموالية لها، لم يعد تجدي نفعاً في ظل عدم التزام أنقرة بأي من بنود الاتفاقات التي سعت إلى عقدها مع موسكو، حيث كشفت عدة مصادر حول مادار في محادثات أستانة الأخيرة بأنه “حصل نقاش في اجتماع أستانة الأخير وتم فيه توجيه الإنذار إلى تركيا خاصة من قبل الجانب الروسي الذي أكد أن عدم إيفاء تركيا بالتزامها في موضوع إنشاء منطقة منزوعة السلاح، أدى إلى سيطرة جبهة النصرة على كامل محافظة إدلب وبالتالي برر التحضير لعملية عسكرية لتحرير محافظة إدلب بالكامل مع الدائرة المحيطة بها”.
وفي ظل هذا الواقع فإن تركيا باتت مجبرة على التركيز على مصالحها في مناطق الشمال السوري أكثر من إدلب حالياً، الأمر الذي بدأ يتضح لقادة فصائل المعارضة، وعبر عنه رئيس ما يسمى بـ”الهيئة السياسية في إدلب” رضوان الأطرش، الذي طلب من تركيا أن تعطي موقف واضح مما يجري في المناطق التي ينتشرون بها، حيث قال: “ما يهمنا في مناطقنا هو موقف واضح وصريح من قبل السياسة التركية، وعليها الاختيار بين الاصطفاف مع مصالحها أو الوقوف إلى جانبنا” وفقاً لما نقلته وكالة “سمارت” المعارضة.
يبدو أن تركيا باتت الآن في موقف محرج أمام فصائلها التي تدعمها كونها لم تعد قادرة على إعطاءهم الأولوية في هذه المرحلة، إضافة إلى الاتفاقيات التي تجريها بشكل سري مع أطراف متعددة بما يخدم مصالحها، وبهذا تكون الفصائل و”جبهة النصرة” تواجه مرحلة جديدة تتمثل بتخلي داعميها عنها في الوقت الذي تستمر فيه القوات السورية بعمليتها العسكرية التي استعادت خلالها عدة بلدات وقرى في أرياف حماة واللاذقية.