تشهد سورية تزايداً كبيراً بعدد المصابين بفيروس كورونا المستجد، حيث وصل عددهم إلى 458 مصاب، وتكثر التساؤلات عن سبب هذا الارتفاع المفاجئ لتعداد المصابين في سورية، فهناك عوامل يمكن تعميمها على كافة المناطق السورية وأخرى تعتبر خاصة بمناطق محددة في الأراضي السورية.
العوامل العامة:
فالعوامل العامة مرتبطة بعدم التزام البعض بالاجراءات الاحترازية التي تنشرها وسائل الإعلام وفقاً لتعليمات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، إلى جانب الحرب السورية التي تسببت بتراجع كبير بالقطاع الصحي في البلاد، إلى جانب العقوبات أحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على سورية وبعض الدول الأوروبية.
إلى جانب الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تسببت بتراجع الوضع المعيشي نتيجة الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة على سورية، ما جعل أولويات الشعب السوري تأمين طعامه ومقومات الحياة الرئيسية بدلاً من تأمين سبل الوقاية من فيروس كورونا من كمامات ومعقمات وغيرها، إضافة إلى أن هذا الواقع الاقتصادي يجعل من الصعب إعادة فرض أي حجر صحي على البلاد جزئياً أم كاملاً، حتى يتمكن السوريون من العمل والحصول على قوت يومهم، حيث يؤكد نسبة كبيرة من السوريين أنهم لا يرغبون بعودة إجراءات الحجر.
وحول هذا الأمر قال عميد كلية الطب البشري في جامعة دمشق والمشرف على البروتوكول العلاجي الخاص بمصابي كورونا في سورية الدكتور نبوغ العوا قال: “إن قانون قيصر أثّر بشكل كبير على القطاع الصحي السوري عموماً و على البروتوكول العلاجي لمصابي كورونا خصوصاً، إذ إنّ المواد الأولية التي تحتاج سورية لاستيرادها من أدوية علاج كورونا وغيره من الأمراض قد فُقدت، و الكوادر الصحية والإسعافية تعمل جاهدةً كي تبقى سوريا كذلك والرهان الأول يبقى على المواطن السوري ووعيه لأنّ التباعد الاجتماعي هو الأسلوب الأضمن لمنع العدوى” مضيفاً أنّ “الكوادر الصحية السورية ورغم جاهزيتها وأساليب التعقيم والوقاية التي تقوم وتنصح بها إلا أنها لا تستطيع منع الانتشار ولكنها تعمل على منع العدوى قدر الإمكان ولذلك على المواطن السوري أن يكون طبيب نفسه”.
العوامل الخاصة:
أما العوامل الخاصة ببعض المناطق مرتبطة بانتهاكات وإجراءات وممارسات تكاد أن تودي بحياة أكثر من مليون شخص، وهي مناطق شمالي وشرق سورية التي تحتلها تركيا وأمريكا بمساندة “قوات سوريا الديمقراطية-قسد” بالإضافة إلى المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة من “جبهة النصرة” وأخرى التابعة للاحتلال التركي في محافظة إدلب وريفها.
وهذه الإجراءات بدأت تظهر نتائجها منذ أن أعلنت تركيا عن وجود إصابات عديدة في صفوف الجنود الأتراك الذين كانوا في الوقت ذاته كانوا يدخلون إلى الأراضي السورية دون اتخاذ أي إجراءات احترازية ويختلطون بقاطني تلك المناطق، وفيما بعد وفي ظل ازدياد الحديث عن التخوف من تفشي كورونا في المناطق التي تحتلها تركيا وتلك التي تسيطر عليها “قسد” نتيجة نقص الرعاية الصحية فيها، قطعت قوات الاحتلال التركي مياه الشرب عن مضخة علوك في ريف الحسكة، حيث سبق أن نشرت ممثلة “اليونيسف” في سورية فران إيكيثا، بياناً في هذا الخصوص قالت فيه: “انقطاع إمدادات المياه خلال الجهود الحالية للحد من انتشار فيروس كورونا، يعرض الأطفال والأسر لخطر غير مقبول، واستخدام المياه ومرافقها لتحقيق مكاسب عسكريّة أو سياسيّة أمر غير مقبول، فالأطفال هم أول من يعاني من هذا الأمر”.
وبعد إعادة ضخ المياه إلى الحسكة، نقلت صحيفة “الوطن” السورية عن مصدر في مؤسسة مياه الحسكة أن “الإدارة الذاتية” الذراع السياسي لـ “قسد” حرمت الأحياء الواقعة تحت سيطرة الجيش السوري وسط مدينة الحسكة من مياه الشرب، حيث تعتبر المياه أهم عامل للوقاية من الفيروس.
وكذلك الأمر في المناطق التي تحتلها تركيا شمالي سورية وإدلب، حيث قال المتحدث باسم المكتب الأممي ينس ليرك في مؤتمر صحفي عبر تقنية فيديو كونفرانس: “إن الأمم المتحدة تشعر بقلق عميق حيال التأثير المحتمل لكورونا على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء سورية، وخصوصاً أكثر من 900 ألف شخص في الجزء الشمالي الغربي من سورية في إدلب”، وفي إشارة إلى حجم خطورة الوضع الصحي في تلك المناطق أعلنت منظمة الصحة العالمية مسبقاً عن تخصيصها لمبلغ 35 مليون دولار ضمن برنامج مساعدة لغرب سورية في مواجهة انتشار فيروس كورونا، بما يشمل محافظة إدلب التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة.
وفعلاً الكارثة الإنسانية التي حذّر منها المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية بدأت، حيث سجلت محافظة إدلب في 12 تموز الجاري تسجيل إصابات بصفوف الكوادر الطبية في إدلب وشمال حلب، ونقلت إذاعة “شام إف إم” عن مصادر محلية، تأكيدها ارتفاع عدد المصابين بفيروس كـورونا في ريف إدلب الغربي والشمالي إلى ١٤ إصابة، حيث سجل هروب عدد من المحجور عليهم من مشافي أطمة وباب الهوى.
الانتهاكات المذكورة مسبقاً تعتبر جزء صغير من جملة الانتهاكات اليومية التي تمارسها تركيا وأمريكا والمجموعات التابعين لهم بحق المدنيين بالمناطق التي يحتلونها في سورية، لكن هذه نتائج هذه الانتهاكات لن تكون نتيجتها كغيرها محصورة في تلك المناطق، فكما يؤكد العديد من المختصون والخبراء فإن السلاح الميكروبي هو أخطر أنواع الأسلحة لعدم وجود إمكانية حصره في مكان واحد.
زهراء سرحان