خاص|| أثر برس تصدر موضوع “أشباه الألبان والأجبان” وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في سوريا، حيث قوبل قرار السماح للمعامل بتصنيع أصناف من مشتقات الحليب لذوي الدخل المحدود تحت هذا المسمى، بحملة انتقادات كبيرة واعتبره البعض بمثابة “شرعنة للغش” في حين تخوف البعض الآخر من تبعات هذا القرار، مما دفع وزارة التجارة الداخلية لإصدار قرار بتجميد العمل بالقرار السابق، معلنةً أنها ستتوسع بدراسته مع الجهات المعنية ذات العلاقة.
فما هي طبيعة منتجات “أشباه الألبان والأجبان”؟
بحسب القرار السابق والموقع باسم الوزير طلال البرازي، فإن “أشباه الألبان والأجبان” هي منتجات غذائية يدخل في تركيبها الأساسي الحليب ومشتقاته ويضاف إليه الزيوت النباتية غير المهدرجة، ونشاء معدل، إضافةً إلى أملاح استحلاب ومنكهات غذائية مسموح بها وغيرها، واشترط القرار على المعامل ألا تحمل منتجاتها من “أشباه الألبان والأجبان” أسماء منتجات الحليب كاللبن واللبنة، وألا تخلط المعامل بين خطوط الإنتاج للمادتين.
وللتوسع أكثر تواصلنا مع الدكتور لؤي اللبان أستاذ واستشاري التغذية العلاجي للحديث عن تركيبة هذه المواد وتأثيرها، حيث أوضح لـ “أثر برس”، أنه كان من المفترض أخذ رأي جميع المعنيين بهذا الأمر من أطباء وأخصائيين في التغذية، مؤكداً أنه ليس هناك أي فارق بين الأجبان الحقيقية والمقلدة من حيث الطعم والمواصفات عند الطهي مما يصعب على المستهلك معرفة المواد الداخلة في تصنيعها.
أوضح د.اللبان أن هذا الموضوع قديم فهذه الأشباه موجودة في الأسواق منذ أكثر من 10 سنوات بحسب تأكيدات وزارة التجارة الداخلية أيضاً، جازماً بأن المدة تزيد عن 15 إلى 20 عام حتى، مرجحاً أنها دخلت بيوت معظم السوريين بسبب رخص ثمنها النسبي ومعتقداً أنها كانت تباع على أنها منتجات حقيقية وبسعر مرتفع.
ولفت إلى أن “أشباه الأجبان والألبان” موجودة في معظم أسواق العالم وليست محصورة في أسواقنا، فهناك شركات كبيرة مثل “KRAFT” تصنع ما يسمى “Fake cheese” أي المستهلك يعلم أنها عبارة عن تقليد وليست من الأجبان الحقيقية، وهنا تتاح الفرصة للمستهلك الاختيار بين الأجبان الحقيقية أو تقليدها.
وتحدث الدكتور اللبان أن طريقة عمل هذه الأجبان تعتمد على استخدام الحليب “الطازج” ويضاف إليه جزء من الحليب المجفف إضافةً إلى مواد بروتينية مثل “الكازئين” وبعض المواد الدسمة مثل الزيوت، وأنه في الولايات المتحدة يستخدم زيت الذرة أو الكانولا أو أي نوع من الزيوت التي تكون متعددة غير مشبعة وتكون جيدة للصحة، مؤكداً أننا في حال اتبعنا ذات الطريقة ليس هناك أي ضرر نهائياً.
وتابع أنه في حالتنا –مع التأكيد أنه يعرف الكثير من المنتجين الذين يزودون السوق بهذه المنتجات- يستعملون الحليب المجفف الخالي من الدسم كونه رخيص الثمن مقارنةً مع الحليب الكامل، ويتم استيراده من دول مثل الصين وغيرها، وهناك علامات استفهام حول تركيبة هذه المواد، مضيفاً أن الحليب غالباً يكون منخفض بمحتوى البروتين وهنا تبدأ عملية الغش بإضافة مادة الميلامين (نفس المادة التي تصنع منها أطباق الميلامين المعروفة) للحليب لرفع مستوى البروتين فيه، ولها تأثير سلبي كبير على الصحة وخاصة على صحة الكلى.
وتحدث أن المشكلة الثانية التي يمكن أن تحدث هي أنه لرفع كثافة الحليب المجفف المحل بالماء يتم إضافة النشاء (وهو مادة غاشة لكثير من المنتجات)، كما يتم إضافة الزيوت لرفع نسبة الدسم فيه، وهنا الطامة الكبرى، حيث أوضح د.اللبان أنه عند إضافة زيت النخيل يتلون الحليب حينها باللون الأحمر، وهذا لن يشجع المستهلك على الشراء لذلك يقوم المنتج بإضافة بعض المواد المبيضة التي تعيد الحليب إلى لونه الأبيض، وللأسف في سوريا يستخدم الكثير من المنتجين مادة السبيداج (هي مادة تستخدم في الدهان وهي مادة مسرطنة)، كما أنه يتم إضافة كميات كبيرة من الأملاح لحفظ المادة والملح يرفع مستوى الصوديوم وبالتالي يرفع من الضغط الشرياني ويؤدي إلى مشاكل قلبية ووعائية.
ووفقاً للدكتور اللبان فإن ما يدعو للقلق هو تغيير النظام الغذائي الصحي للسوريين والذي كنا نتباهى به أمام الآخرين وحتى في البلدان المتقدمة، بحيث تكون سابقة للسماح بإنتاج منتجات أخرى لا تغطي الاحتياجات الغذائية للشخص، خاصةً وأننا لاحظ حالات من التقزم على بعض الأطفال نتيجة سوء التغذية وتغير العادات الغذائي.
وأبدى الدكتور تخوفه من اختفاء كل المنتجات الجيدة من السوق وتصبح هذه المنتجات هي السائدة ليس بسبب رخص ثمنها وإنما بسبب هامش الربح الكبير بالنسبة للمنتجين وتجار الجملة والمفرق، مضيفاً أن مديرية حماية المستهلك غير قادرة على مراقبة كافة الورشات التي تصنع الأجبان ومعظمها غير مسجل في القيود، لذلك هناك خطورة من سلامة هذه الأغذية، أما في حال تمكنت المديرية من ضبط الموضوع فليس هناك أي مانع من تصنيع هذه المواد.
بدوره أكد مدير حماية المستهلك سامر السوسي لـ “أثر” أنه حتى الآن لم تستلم المديرية أي كتاب من الوزارة بهذا الخصوص.
وحول طريقة معرفة إن كانت الألبان والأجبان المتواجدة في السوق تحتوي على مواد غير مطابقة للمواصفات وممنوعة كالسبيداج وغيرها، أكد السوسي أنه لا يمكننا معرفة إذا كانت المادة تحتوي على مواد غير صحية إلا من خلال سحب عينات وتحليلها، مشدداً على أن السبيداج مادة ممنوع استخدامها في الألبان والأجبان وأن القرار الجديد من المؤكد أنه لن يسمح باستخدامها.
حنان صندوق