تخطط “إسرائيل” لاستثمار الهواء، عبر إقامة توربينات هوائية عملاقة، لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح في الجولان السوري المحتل، في مشروع وُصف بأنه الأخطر حيث اعتبر محللون أن هذا المشروع يمهد لتمدد استيطاني نحو مصادر الطاقة الجديدة، إضافة أنه يضرب القطاع الزراعي لأهالي الجولان السوري المحتل.
ووفقاً لجريدة “الأخبار” اللبنانية فإن هذا المشروع، يُصوّر في ظاهره مشروعاً حيوياً إنتاجياً للطاقة النظيفة، ويخفي وراءه تسللاً لمشاريع الاستيطان عبر مصادرة الأراضي وإقامة منشآت حيوية “إسرائيلية” ومحاصرة السكان السوريين وتهجيرهم، حيث أقرت “الحكومة الإسرائيلية” عام 2009 قانوناً يقضي بأن تحص “إسرائيل” على 10 % من طاقتها الكهربائية عن طريق الموارد النظيفة والطاقة البديلة، وواحد من هذه الموارد هو المراوح الهوائية التي تعتمد على حركة الرياح لتوليد الكهرباء، وواحد من أنسب الأماكن لإقامة مشروع كهذا هو مرتفعات الجولان المحتل، حيث الرياح الغربية القوية التي تؤمّن قدراً وافراً من الطاقة لتشغيل المراوح، وحيث المنطقة الغنية بالموارد الزراعية والتي تعتبر مصدر رزق بالنسبة للكثير من أهالي الجولان المحتل.
ويقع المشروع بين ثلاث قرى في الجولان، مجدل شمس بقعاثا ومسعدة، على مسافة 1 الى 1.5 كلم من هذه القرى؛ حيث تسعى “إسرائيل” لإنشاء 32 مروحة يتراوح طول الواحدة منها بين 100 و200 متر، مع شفرات للمراوح بطول 80 متراً تزداد تدريجياً بتناسب مع ارتفاع العمود، وتحتاج هذه المراوح إلى قواعد إسمنتية ضخمة تمتد على مساحة 600 متر مربع مع ألف طن من الإسمنت للواحدة منها، وتبلغ المساحة الإجمالية للمشروع المقترح 3674 دونماً يذهب أغلبها لإقامة المراوح وتثبيتها، ومساحة قليلة للطرقات ومحطة كهربائية ومنشآت للصيانة والتخزين ونقطة لـ”الجيش الإسرائيلي”.
وتكمن خطورة هذا المشروع في أنه يقضي على عدد كبير من الأراضي الزراعية التي سيتحول استثمارها لبناء المراوح، إضافة إلى حاجة المشروع إلى الطرقات الواسعة، ما يفرض شق طرقات جديدة أو توسيع طرقات قديمة.
كما أن فترة العمل في بناء هذه التوربينات التي ستمتد لسنوات، ستفرض تنقل آليات ضخمة من الأراضي المزمع استعمالها وإليها، وستسبب حركة هذه الآليات ضرراً كبيراً للحقول الزراعية المجاورة، نظراً إلى ضخامتها وضخامة المعدات التي سيتم نقلها واستعمالها في البناء، إضافة إلى الأضرار البيئية التي ستنتج عن عمل المراوح، حيث تتعلق الأضرار بقتل الطيور والخفافيش التي تسهم في تلقيح الأشجار المثمرة وتنظيف الأراضي الزراعية من الحشرات الضارة.
وعلى المستوى العمراني، فإن المشروع يحاصر القرى المحيطة به ويمنعها من التمدد السكاني، مثل قرية مجدل شمس المحاصرة من الشمال والشرق والغرب بحقول الألغام وخط وقف إطلاق النار ومراكز لـ”الجيش الإسرائيلي”، ويأتي هذا المشروع ليحاصرها من جهة الجنوب أيضاً.
ولمواجهة هذا المشروع اعتمد أهالي الجولان خطة من مسارين لمواجهته: مسار قضائي يرفعون من خلاله دعاوى في “المحاكم الإسرائيلية” لإلغاء عقود الإيجار بعد أن تراجع أغلب المزارعين عن تأجير أراضيهم، ومسار شعبي يقضي بإقامة الندوات والحملات الإعلامية لشرح حجم الضرر المترتب على المشروع، والذهاب نحو مواجهة شعبية عبر التظاهرات لحماية الأراضي وإيقاف العمل بالقوة.
المسار القانوني بعد أن أقرّت سقط “الحكومة الإسرائيلية” قانوناً يقضي باعتبار المشروع “مشروعاً قومياً”، ما يسمح لوزير المالية بمصادرة الأراضي لإقامته، ليبقي المسار الثاني الشعبي، الذي يسعى إلى تعريف أهالي الجولان بخطورة المشروع مع ما سيتبعه لاحقاً، وبإعداد الناس للمواجهة في حال استمرار العمل لإقامة المراوح.
يشار إلى أنه منذ نحو شهرين، بدأت الخطوات العملية للمشروع؛ فالشركة استغلت وباء كورونا الذي يمنع التجمعات وتسللت بآلياتها إلى الأراضي المراد استعمالها، معززة بأعداد من رجال “الشرطة الإسرائيلية”، للبدء بعمليات فحص التربة وتحديد الأماكن المناسبة للحفر، في حين أقدم الأهالي فوراً على التصدي لهذا المشروع والإعلان عن رفضهم له واستعدادهم لمواجهته، حيث سبق أن تم الإعلان عن حرق العديد من هذه المراوح.