تتسارع التطورات في مناطق شمال شرق سورية لتكشف عن فشل الخطة الأمريكية بدمج القبائل العربية السورية هناك مع حلفاءها من الأكراد لتسيطر على كامل المكونات الشعبية تحت مسمى “قوات سوريا الديموقراطية”.
حيث أعلنت قبيلة العكيدات يوم أمس عن تشكيل جناح عسكري لها بالتنسيق مع الجيش السوري للبدء بحركة مقاومة منظمة ضد تواجد قوات الاحتلال الأمريكي و”قسد” المدعومة من قبلها، وجاء في بيان لها نقلته وكالة “سانا” السورية أنه “نتيجة للظروف التي آلت إليها الأوضاع والأمور في هذه المرحلة وجرائم عصابات (قسد) بدعم أمريكي صهيوني والتي تجاوزت فيها كل الخطوط الحمراء ونهب خيرات الوطن وتصفية الرموز الوطنية متمثلة باستهداف الشيخ مطشر الهفل بدم بارد وفي وضح النهار، رداً على ذلك يجتمع شيوخ ووجهاء قبيلة العكيدات لبحث هذه الأمور لتبقى سورية قائدة الأمة العربية شامخة بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد”.
ليعلن المجلس بشكل صريح وواضع البدء بالمقاومة الشعبية ضد قوات الاحتلال الأمريكي و”قسد” واعتبارهم هدفاً مشروعاً للمقاومة ودعا “كل من ارتبط بالمحتل وأعوانه من أبناء القبيلة والمنطقة للعودة إلى حضن الوطن وإلا سيعتبر هدفاً مشروعاً للمقاومة كما حال المحتل وأدواته ومرتزقته”.
الملفت أن ذلك جاء وسط تضامن عشائري مع قبيلة العكيدات حيث دعت قبيلة الشرابيين “أبناءها وكافة القبائل إلى مقاطعة قسد والتوحّد لمقاومة الأمريكيين القَتَلة وأذنابهم في سورية”، فما جرى كان نتيجة لتراكم الكثير من المواقف تجاه انتهاكات “قسد” المدعومة من قوات الاحتلال الأمريكي لكن الحدث الذي قسم ظهر البعير هو اغتيال أحد أبرز شيوخ قبيلة العكيدات، مطشر الهفل إلى جانب شُيوخ آخرين من قبيلة البكارة وتوجيه أصابع الاتهام ضد المحتل الأمريكي، حيث باتت تشعر القبائل العربية في الجزيرة السورية بأنه لم يعد لها أي كيان أو مكانة منذ تشكيل “قسد” في تباين واضح لحالة العشائر قبيل عام 2011 وانتشار تنظيمي “جبهة النصرة” و”داعش” قبل “قسد” في الجزيرة السورية.
ويظهر البيان بأن من بين الأمور التي فجرت المشهد هناك هو تعاقد قيادة مايسمى بـ “الإدارة الذاتيّة” الكرديّة مع شركة “ديلتا كريسنت إنيرجي” الأمريكيّة لإصلاح آبار النفط الواقعة في مناطق تواجد القبائل العربية وإخراج نِفطها وتصديره إلى الخارج على أن تعود عوائده الماليّة إليها، أيّ الإدارة الذاتيّة.
الرئيس بشار الأسد أكّد في أحد مقابلاته الصحافيّة قبل نحو ثلاثة أشهر أنّ مواجهة القوّات الأمريكية المحتلة لآبار النفط ليس من أولويّات الجيش السوري في هذه المرحلة، ولكنّه لم يستبعد قيام مقاومة شعبية من أبناء المِنطقة لتنفيذ هذه المهمة، حيث يبدو أن حديث الرئيس الأسد بدأت تنبت بذوره الآن وبشكل فعلي، فقبل البيان بيومين تم تدمير 3 آليات لقسد في مدينة الشدادي جنوب الحسكة، خلال توجّه رتل لها إلى حقل العمر النفطي في ريف دير الزور الشرقي وقالت وكالة “سانا” السورية بأن مجهولين أقدموا على استهداف الآليات.
في الوقت الحالي تسعى “قسد” لامتصاص الغضب العشائري ضدّها، برفع حظر التجوال عن بلدات ذيبان والحوايج والشحيل، بعد أربعة أيام من فرضه، وسمحت بعودة الحركة التجارية إلى هذه البلدات، كما أفرجت عن عدد من المدنيّين الذين اعتقلتهم خلال الأيام الماضية، بينما أبقت على عدد كبير من الحواجز في المنطقة لمواجهة أيّ هجمات جديدة على قواتها، في صورة تعكس حجم تخوفها من نتائج انتهاكاتها المتكررة، لكن وحتى الآن يبدو بأن كل مساعيها لن تنجح في امتصاص الغضب الشعبي للعشائر هناك حيث يشهد يوم غدٍ الثلاثاء اجتماعاً لشيوخ قبيلة العكيدات ووجهائها في ديوان القبيلة في بلدة ذيبان في ريف دير الزور للتأكيد على بدء المقاومة الشعبية.
ما يجري اليوم يأتي في توقيت شديد الحساسية إذ أن تلك الانتفاضة تأتي في توقيت يسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية بأشهر قليلة في ظل بحر من المشاكل تغرق فيه الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب داخلياً وخارجياً والرئيس الأمريكي كان قد أطلق وعود بحماية الجنود الأمريكيين خارج الولايات المتحدة، فحدوث أي استهداف مباشر للجنود الأمريكيين قد ينتج عنه قرار أمريكي جدي بالانسحاب فالرئيس ترامب لا يريد الآن سوى النجاح بالانتخابات الرئاسية.
الدولة السورية بالتأكيد ستقدم اليوم كل الدعم اللازم للمقاومة الشعبية ضد المحتل على أراضيها فيبدوا أن أيام الولايات المتحدة في سورية باتت معدودة.
رضا توتنجي