تحدث وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، باقتراح قدمته بلاده إلى تركيا وسوريا للدفع بعملية التقارب بين أنقرة ودمشق، يقضي بخروج القوات التركية من الأراضي السورية مقابل ضمان تأمين الحدود السورية- التركية من الجانب السوري.
وأشار عبد اللهيان، في لقاء أجراه أمس الأحد، مع صحيفة “الوفاق” الإيرانية إلى أن بلاده قدمت اقتراحاً في اجتماعات مشتركة بأن تتعهد أنقرة بإخراج قواتها من سوريا مقابل تعهد دمشق بمنع أي تعرض للأراضي التركية على أن تكون روسيا وإيران ضامنتين للاتفاق.
وأكد عبد اللهيان أن دمشق أكدت لطهران أنها تتمتع بالجاهزية الكاملة للحفاظ على أمن الحدود مع تركيا من داخل أراضيها.
وفي السياق نفسه، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قبل أسبوعين أن موسكو قدمت اقتراحاً لدمشق وأنقرة لإجراء اتفاق يقضي بـ”شرعنة” بقاء القوات التركية على الأراضي السورية.
وقال لافروف في اجتماع أُجري بداية أيلول الجاري مع طلاب وأعضاء هيئة التدريس في “معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية”: “إن موسكو عرضت على دمشق وأنقرة العودة إلى اتفاق يسمح للقوات التركية بمحاربة الإرهابيين على الأراضي السورية ولكن بالاتفاق مع دمشق، استناداً إلى مرجعية اتفاق أضنة 1998، والذي يتضمن التعاون بين أنقرة ودمشق في مكافحة الإرهاب على الحدود المشتركة بينهما”.
كما يقضي المقترح الروسي بإخراج زعيم “حزب العمال الكردستاني” من الأراضي السورية، والسماح لتركيا بملاحقة “التنظيمات الإرهابية” على الأراضي السورية، بعمق 5 كيلومترات في الداخل السوري.
لا تعليق على مقترحات الوسطاء
لم يصدر عن دمشق وأنقرة أي تصريح أو تعليق يخص هذه المقترحات، فتركيا تؤكد أنها لن تسحب قواتها من الأراضي السورية وتستمر بعمليات توطين اللاجئين السوريين في المناطق التي تسيطر عليها شمالي سوريا، بعد ترحيلهم من أراضيها، بينما تشدد سوريا على أنها متمسكة بمطلبها الذي يقضي بخروج القوات التركية كافة من أراضيها وعودة المساحات التي تسيطر عليها أنقرة إلى سلطة دمشق.
وفي هذا الصدد، أكد الرئيس بشار الأسد، في اجتماع أجراه مع وزير الخارجية الإيراني، في دمشق بتاريخ 31 آب، أن “موضوع الانسحاب التركي من الأراضي السورية وحتمية حصوله شرط لا بد منه لعودة العلاقات الطبيعية بين دمشق وأنقرة”.
بينما عد الرئيس التركي رجب أردوغان، في تصريح أدلى به بعد لقائه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، في 5 أيلول الجاري، أن الواقع الميداني في الشمال السوري يمنع القوات التركية من الانسحاب من سوريا في هذه المرحلة.
تسريبات تتعلق بمسار التقارب السوري- التركي
منذ بداية مسار التقارب السوري- التركي أُجري عدد من الاجتماعات على مستوى وزراء خارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا، ووزراء دفاع ونواب ومعاوني وزراء خارجية الدول الأربع، وأُجري آخر اجتماع في أستانا 20 بين نواب وزراء خارجية سوريا وتركيا وروسيا وإيران، بتاريخ 20 و21 حزيران الفائت، وأعلن حينها مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، أن سوريا وتركيا وإيران اتفقت على مفهوم “خريطة الطريق”، التي قدّمتها روسيا بشأن تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
ونشرت صحيفة “يني شفق” المقربة من الحزب التركي الحاكم في أنقرة “حزب العدالة والتنمية” تسريبات تتعلق بمجريات هذا الاجتماع، مشيرة إلى أن أنقرة اقترحت في المحادثات تأسيس آليّة تنسيق عسكرية مشتركة، لتجري عمليات مشتركة في مواجهة مراكز “الإرهاب”.
وأوضحت الصحيفة التركية أن كلّ بلد سيمثّله مندوب ضمن هذه الآلية التي ستتّضح معالمها أكثر في الاجتماعات المقبلة.
عام على تفعيل مسار التقارب السوري- التركي
تم تفعيل مسار التقارب السوري- التركي منذ تموز 2022، عندما أعلن وزير الخارجية الإيراني نية بلاده لتقريب وجهات النظر بين سوريا وتركيا، وتم حينها إجراء قمة ثلاثية بين تركيا وروسيا وإيران في طهران.
وفي أيلول 2022 تم الكشف عن لقاء جمع كل من رئيس المخابرات السوري ونظيره التركي في دمشق لتفعيل مسار التقارب السوري- التركي، وفي 28 كانون الأول أُجري أول اجتماع بين وزراء دفاع سوريا وروسيا وتركيا في موسكو، وكان اللقاء الوزاري الأول الذي يُجرى بين وزيرين سوري وتركي، منذ بدء الحرب السورية، وفي أيار 2023 اجتمع وزراء خارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا، وصولاً إلى اجتماع معاوني وزراء خارجية الدول الأربع في اجتماع أستانا 20 بتاريخ 20 و21 حزيران الفائت.