في الوقت الذي تتصدر فيه الولايات المتحدة أعلى نسبة من مصابي فيروس كورونا في العالم وينخفض فيها سعر النفط إلى ما دون الصفر يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدخلاته في الشؤون الداخلية للعديد من البلدان وعلى رأسها إيران ، محاولاً وإدارته إبعاد الأنظار عن حالة الفشل التي باتت ترافقهم في الولايات المتحدة.
حيث أعلن الحرس الثوري قبل أيام عن تمكّنه من إطلاق قمر صناعي عسكري إلى الفضاء، ليؤكد للولايات المتحدة من جديد بأن العقوبات المفروضة لن تقيد التطور العلمي في إيران، وفي تصرف وصفه الكثير بأنه رد انتقامي واضح على النجاح الإيراني بإطلاق القمر الصناعي، أعلن الرئيس ترامب عقب إعلان النجاح مباشرةً أنه أمر قوات بلاده البحرية بإطلاق النار وتدمير أي سفن أو زوارق إيرانية تتحرش بها في منطقة الخليج، في إشارة إلى أنباء باقتِراب 11 زورق إيراني بشَكل خطير مِن السّفن الأمريكيّة في المِنطَقة قبل أسبوع.
لكن سرعان ما خرج وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ليتحدث بصورة أكثر شفافية ويتوعّد إيران بدفع ثمن باهظً لإطلاقها هذا القمر الصناعيّ الذي ادعى أنّه يشكل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي.
التنديد الأمريكي بدخول إيران عالم الفضاء ليس نابع فقط من تخوف الولايات المتحدة من القدرة المعلوماتية التي سيمتلكها الحرس الثوري، وإنما يعود أيضاً إلى القفزة التي وصل إليها برنامج طهران للصواريخ الباليستية، إذ أصبحت الأخيرة، بعد اجتياز صاروخ «قاصد» الباليستي للمجال الجوي، تمتلك تقنية الصواريخ الباليستية العابرة للقارّات، ما يرفع منسوب القلق لدى الأمريكيين من إمكانية إيران لتوسيع دائرة استهدافاتها لتشمل قواعد أمريكية أبعد من تلك الموجودة في الخليج والعراق.
كذلك، يُشار إلى أن أنظمة المراقبة الدولية المسلّطة على إيران لم ترصد أي تحضيرات مسبقة لهذه الخطوة، كما جرت العادة مع عمليات إطلاق الأقمار الصناعية المدنية التي كانت تتنبأ تلك الأنظمة بقرب إطلاقها، وهذا قد يعود وفق محلّلين إلى إجراءات التكتّم التي أوضح قائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زادة أنها تغلّف نشاط قوات الحرس في المجال الفضائي.
التنديد الأمريكي للتطور الإيراني المتسارع لا يأتي فقط في إطار المحاولات الأمريكية لمنع التطور العلمي والعسكري عن دولة ترفض الخضوع للإملاءات الأمريكية فحسب، وإنما تأتي تلك التهديدات لتغطية حالة فشل الولايات المتحدة في ضبط انتشار فيروس كورونا وما نتج عنه من نتائج اقتصادية كارثية ليس للولايات المتحدة قدرة على تحملها، ويبدو ذلك من خلال الكثير من التصريحات من المسؤولين الأمريكيين بخصوص ذلك والتي كان آخرها لـ كيفن هاسيت مستشار الرئيس دونالد ترامب حيث قال في تصريحات لقناة أيه.بي.سي التلفزيونية: “الوضع خطير في حقيقة الأمر”، وأضاف: “أعتقد أن هذه أكبر صدمة سلبية شهدها اقتصادنا إلى الآن، سوف نشهد معدل بطالة يقترب من المعدلات التي شهدناها خلال الكساد الكبير” في الثلاثينات، كما توقع هاسيت أن يقفز معدل البطالة إلى 16 في المئة.
ما يجري في الولايات المتحدة قد يدفعها للقيام بحرب خصوصاً وأن العديد من الحروب التي حدثت في الماضي كانت بسبب انهيار اقتصاد دولة ما، لكن إذا اختارت الولايات المتحدة أن تبدأ حرب مع إيران فعليها معرفة أن تلك الحرب ستكلفها وتكلف حلفائها في المنطقة الكثير، خصوصاً وأن تجربة قواعدها في العراق هي خير دليل.
رضا توتنجي