أثر برس

اجتماع “آستانة” الرباعي: مناقشة “خارطة طريق” أم اختراق وشيك بين أنقرة ودمشق؟

by Athr Press A

تتوجّه الأنظار يوم غد الثلاثاء نحو العاصمة الكازاخية التي تستضيف الجولة العشرين من مباحثات “آستانة”، وستتضمن اجتماعاً رباعياً لنوّاب وزراء خارجية روسيا وإيران وسوريا وتركيا، للعمل على مشروع خارطة طريق تطبيع العلاقات السورية- التركية، بالإضافة إلى إجراء مشاورات ثنائية وثلاثية بين الدول الضامنة لمسار “آستانة”، في وقتٍ يواجه فيه مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة تعقيدات يصعب معها التكهّن بنتائج هذه الاجتماعات إن كانت ستُحدث خرقاً بين البلدين.

واستبقت دمشق التأكيد قبل إجراء الاجتماع على أنّ “الإشارة إلى التزام الأطراف بوحدة سوريا وسيادة أراضيها يجب أن تترافق مع التأكيد على إنهاء الاحتلال التركي والإعلان بوضوح عن استعداد تركيا للانسحاب من الأراضي السورية”، لافتةً إلى أنها “لا تريد من الاجتماعات المقبلة استعادة المفردات أو التأكيد على مواقف أُشير إليها في السابق بعنوانها العريض”، وفقاً لما نقلته صحيفة “الوطن” السورية عن مصادر متابعة.

في المقابل، أكدت المصادر أنّ “دمشق منفتحة على الحوار السياسي وتدعو له، لكنها ترى أن تحديد أسس وآليات واضحة ومعلنة لهذا الحوار سيشكّل أرضية ثابتة وقادرة على الوصول بهذا الحوار إلى الغايات المرجوة منه، وصولاً إلى تطبيع العلاقات مع أنقرة”، مشددةً على أنّ “الإشارات الفضفاضة من الجانب التركي فيما يخص ملف مكافحة الإرهاب بكل أشكاله لم تعد مقبولة”.

وتأتي هذه المواقف متشابهةً مع حديث الرئيس بشار الأسد في 12 من حزيران الجاري عندما التقى كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي أصغر خاجي في دمشق وتطرّق إلى الاجتماع الرباعي المقبل، إذ شدد الرئيس الأسد “على وضع استراتيجية مشتركة تحدد الأسس وتوضّح بدقة العناوين والأهداف التي تبنى عليها المفاوضات القادمة سواء كانت بخصوص الانسحاب التركي من الأراضي السورية أو مكافحة الإرهاب أو غيرها من القضايا وتضع إطاراً زمنياً وآليات تنفيذ لهذه العناوين، وذلك بالتعاون مع الجانبين الروسي والإيراني”.

وفي هذا السياق، قال مصدر في دمشق لصحيفة “الشرق الأوسط” -لم تسمّه- إنّ “مسودة خارطة الطريق” للتطبيع بين سوريا وتركيا التي وضعتها روسيا، تتضمن بنداً خاصاً بجدولة الانسحاب التركي من الأراضي السورية”، وتابع: إنّ “دمشق وعلى رغم إعلانها الانفتاح على الحوارمع تركيا، فإنها لا تزال متشددة في شرط الانسحاب التركي من الأراضي السورية، ووقف دعم التنظيمات السورية المسلّحة المعارضة، بوصفه أرضية للحوار بهدف الوصول إلى تطبيع العلاقات مع تركيا”.

وأضاف المصدر إنّ “دمشق تبدي إصراراً على تحديد التنظيمات التي يجب على تركيا وقف دعمها، والموجودة في مناطق إدلب وريف حلب الشمالي، مقابل مطالبة الجانب التركي بمحاربة الأطراف الكردية شمال سوريا”، مشيراً إلى أن “ذلك شرط لتحقيق تقدم في مسار الحوار الذي تقوده موسكو، إذ تضغط الأخيرة لتسريع المفاوضات باتجاه تطبيع العلاقات الدبلوماسية، من خلال إدارة جديدة لملف العلاقات تنطلق من تثبيت كل خطوة قبل الانتقال إلى الخطوة التالية”.

من جهته، يتوجّه الوفد التركي إلى العاصمة الكازاخية مدفوعاً بتعليمات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي ترأس اجتماعاً أمنياً وسياسياً ودبلوماسياً خاصاً مؤخراً، أقرّ فيه سلسلة احتياجات سريعة لأنقرة، حظي فيه الملف السوري بالأولوية.

وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة “رأي اليوم” الإلكترونية عن أوساط مقرّبة من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أنّ “الملف السوري بما يتعلق به وبطاقمه على صفيح ساخن”، لافتةً إلى أنّ “الوزير التركي الجديد أجرى سلسلة اتصالات مع بعض المسؤولين العرب في سياق تحضيراته لما يسمّى في إسطنبول وأنقرة على مستوى بعض البرلمانيين والإعلاميين بـ “مشروع اختراق كبير وشيك على الجبهة السورية” قد لا يذهب باتجاه مصالحة بين البلدين على أسس واضحة الملامح”.

أمّا موسكو، فلم توضّح تفاصيل مضمون “خارطة الطريق” التي أعلنها نائب وزير الخارجية مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط وإفريقيا ميخائيل بوغدانوف، بتاريخ 14 من حزيران الجاري، غير أن مصدراً دبلوماسياً في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط”، رجّح أن “تضع الخارطة أولويات التحرك المقبل، بطريقة تلبي مصالح الطرفين السوري والتركي وتقلّص من العراقيل المحتملة أمام مسار التطبيع”.

ووفق المصدر، فمن المنتظر أن “تشمل المناقشات الوضع الأمني على الشريط الحدودي ومسائل تحديد المداخل المشتركة للتعامل مع الإرهاب في المنطقة، علماً بوجود فوارق بين تقييم تركيا وسوريا لنشاط الفصائل الكردية الناشطة في هذه المنطقة”، لافتاً إلى “وجود عنصر توافق أساسي يشكل نقطة انطلاق للحوارات، ويجمع مواقف دمشق وأنقرة وموسكو، وهو رفض النزعات الانفصالية، وضرورة مواجهة الوجود الأمريكي الذي يدعم هذه النزعات”، وفي هذا الإطار، قال المصدر: إنّ “أنقرة لا تمانع في بسط سيطرة القوات الحكومية السورية على مناطق واسعة على الشريط الحدودي مع تلقي ضمانات أمنية كافية لتركيا”.

يشار إلى أن جولة “آستانة” الحالية تحظى بأهمية خاصة، كونها تعقد في أجواء جديدة بما يتعلق بسوريا، التي تتسلّح بانفتاح عربي واسع بعد عودتها إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، وكان لافتاً أن “الكرملين” استبق الجولة بإعلان الناطق باسمه ديمتري بيسكوف، أن “روسيا ستواصل بذل الجهود اللازمة لمساعدة سوريا على عودتها الكاملة إلى الأسرة العربية”، وفقاً لما نقلته قناة “روسيا اليوم”.

أثر برس

اقرأ أيضاً