تستمر الاحتجاجات في محافظة السويداء، مع استمرار المحتجين برفع شعارات تحمل رسائل سياسية، بعيداً عن المطالب الخدمية والمعيشية، بالرغم من أن شرارة هذه الاحتجاجات كانت قرار الحكومة السورية الذي قضى برفع أسعار المحروقات بنسبة تتجاوز الـ150%.
وبعدما دخلت الاجتجاجات أسبوعها الرابع بدأت تأخذ التحليلات المرتبطة بأحداث المحافظة السورية الجنوبية والمحاذية لحدود الأردن، أبعاداً أخرى.
حيث نشر الصحفي فراس الشوفي مقالاً في صحيفة “الأخبار” اللبنانية أضاء خلاله على الوثائق التي ينشرها الإعلام العبري، والمرتبطة بوشاية الملك الأردني، في حرب تشرين الأول 1973، تجاه سوريا، ووصل بالتاريخ إلى الدور الأردني في الحرب السورية عام 2011، مشيراً إلى أن “النظام الأردني لم يرتوِ من دماء السوريين، ولا من الأنين تحت الخيام، ودويّ الموت، فوق الحرب والاحتلال والتقسيم والحصار، وها هي المغامرة الأردنية تعود من جبل حوران، درع دمشق الجنوبي، لكنّ الضحايا الأبرز هذه المرّة، هم سكّان السويداء، وغالبيتهم من الدروز، التي تنتشر فوق أربعة جبال استراتيجية، من حوران إلى جبل الشيخ إلى الكرمل وجبل لبنان”.
وأوضح الشوفي دور الأردن، عبر الإشارة إلى انقسام أهالي السويداء بين “معارضة تقليدية وجماعات مسلّحة، تحمل مطالب سياسيّة أخرى، كالقرار 2254 والانفصال، والبعض أصابه اليأس، مثل ملايين السوريين هذه الأيام، فهتف مع الهاتفين تعبيراً عن حنقٍ وغضب خلال الأسابيع الثلاثة الماضية” منوّهاً إلى أنه ليس صدفة أن “يجتمع بعض رجال الدين المقرّبين تاريخياً من الأردن، وبعض المهرّبين المقرّبين من الأردن، وبعض الذين تدرّبوا عند أجهزة الأمن الأردنية في دورات عام 2016 وبعض المعارضين المقرّبين من الأردن، ومشكلة النظام الأردني، أنه لا يريد تحمّل أي مسؤولية عمّا اقترف بحقّ سوريا، وبات الأردنيون اليوم يدفعون ثمن خطاياه، من عبء اللجوء وتهريب المخدّرات والفوضى الأمنية والظروف الاقتصادية، بتأثير مباشر من الحرب السورية”.
ولفت الشوفي في مقاله إلى أن “الأردن يستقوي على سوريا من السويداء، ناسياً حكومة بنيامين نتنياهو، ومشروع الوطن البديل الذي بدأت خطواته التنفيذية عبر القضم والتهجير من الضفة”
وخلّص الشوفي إلى أن “النظام الأردني يُذكّر دمشق، بقدرته على توريط الدروز السوريين في مشروع هدم الدولة التي ساهموا بتأسيسها واستقلالها، وتقسيم بلادهم من أجل مصالح غيرهم. والذريعة، عدم تعاون دمشق في وقف تهريب الكبتاغون وضبط الحدود وإخراج المجموعات المقرّبة من إيران خارج الجنوب السوري. فيما يستمر الأردن في توفير الظروف التي تمنع الدولة السورية من استعادة نفوذها الكامل”.
وفي سياق متصل، يشير رئيس تحرير صحيفة “رأي اليوم” في مقال نشرته الصحيفة إلى أن ما يجري في الجنوب مرتبط بمخطط أمريكي- إسرائيلي، مشيراً إلى أن “سوريا تقف حالياً أمام مخطّط أمريكي- إسرائيلي لتجديد، وتحديث، مُؤامرة التّفكيك، باستِخدام بعض أبناء الأقليّات التي قدّمت الدولة السورية الكثير لحِمايتها، خاصّةً في جنوبها (السويداء)، أو في الشّمال الشّرقي، أيّ الأكراد” مضيفاً أن “الاحتِجاجات التي انطلقت بقيادة ومشاركة بعض الجماعات الدرزيّة ذات الطّابع الانفصالي، وأحرقت علم الدولة، وأغلقت مؤسّساتها تحت ذريعة تدهور الظّروف المعيشيّة والفساد، هي قمة جبل الجليد للمخطّط الأمريكي الإسرائيلي القديم المُتجدّد، وشهادة حق أُريد بِها باطل”.
فيما نشر “معهد واشنطن للدراسات” دراسة خلّص خلالها إلى أن “ما يجري في السويداء يمنح واشنطن وشركائها الإقليميين نافذة أخرى لاستخدام النفوذ الاقتصادي والعقوبات للحصول على تنازلات من الدولة السورية على طاولة المفاوضات”.
يشار إلى أن الاحتجاجات في السويداء مستمرة، للأسبوع الرابع على التوالي، وتؤكد مصادر “أثر” أنها باتت محدودة خلال أيام الأسبوع، فيما تحافظ على زخمها يوم الجمعة.