خاص|| أثر برس تفاقمت مؤخراً وتيرة الانقسامات والخلافات في صفوف فصائل أنقرة، لا سيما على صعيد عناصرها العاديين، وأحد أهم أسباب هذه الانقسامات كان تخفيض رواتبهم إلى 500 ليرة تركية (أي ما يقارب 120 ألف ليرة سورية) بعدما كانت تتراوح بين 800 إلى 1000 ليرة تركية في الوقت الذي لم تتأثر فيه رواتب قيادييهم، كما ترافق التخفيض مع تأخر وصولها،
المصادر فصّلت حديثها بالقول: “خلال الأشهر الماضية انخفضت رواتب المسلحين العاديين إلى نحو 500 ليرة تركية، ورغم التخفيض الذي كان من المتوقع أن يرافقه انتظام في مواعيد التوزيع، إلا أن وصول الرواتب من تركيا إلى شمالي حلب استمر على واقعه السابق، الذي يتمثل في التوزيع مرة واحدة كل 50 يوماً”.
من جانبه نقل مستشار مركز المصالحة الروسي في حلب “فادي إسماعيل” عن عدد من عناصر فصائل أنقرة قولهم، إن الرواتب المخصصة للمسلحين العاديين، لا تكاد تكفي للعيش بضعة أيام فقط، وأضافوا: “تركيا تسلمنا الراتب باليمين وتأخذه منّا بالشمال”، في إشارة إلى تكاليف الخدمات التي تُحصّلها الشركات التركية من القاطنين في مناطق النفوذ التركي، مبيّنة أن تكاليف خدمتي الكهرباء والاتصالات فقط تتجاوز في بعض الأحيان عتبة 400 ليرة تركية.
وفي المقابل، يؤكد عناصر فصائل أنقرة أن قيادييهم لم يتأثروا من هذا التخفيض نتيجة من مصادر عدة تتقدمها سرقات منازل المدنيين ونهب الأراضي الزراعية، إلى جانب عمليات تهريب الآثار، والخطف في مقابل الفدية، عدا عن الرواتب المرتفعة التي يستأثر بها القياديون من الداعم التركي والتي تتراوح ما بين 1000 إلى 2500 ليرة تركية بحسب ثِقل القيادي ونفوذه.
ذلك الفارق الكبير بين القياديين والعناصر العاديين، أحدث شرخاً وانقساماً كبيراً غير مسبوق بين صفوف الفصائل، وجعل مظاهر الشقاق تلوح في الأفق، ليس فقط على الصعيد الداخلي بين الفصيل الواحد، وإنما حتى بين الفصائل بحد ذاتها، وفق ما أوضحه مستشار مركز المصالحة الروسي لـ “أثر”، والذي تحدث عن موجة من الصراعات والتوترات الحاصلة مؤخراً فيما بين تلك الفصائل، نتيجة التفاوت والتمييز الكبيرين في الدعم التركي بحسب مكانة الفصيل وقوته.
وضرب “إسماعيل” مثالاً عن ذلك التمييز من خلال الحديث عن فصيل “العمشات” الذي يحظى وقائده “محمد الجاسم” (أبو عمشة) بدعم تركي كبير على الصعيد المالي والعسكري، بينما تواجه فصائل أخرى من المنتشرة في منطقة عفرين كفصيل “أحرار الشام”، شحاً كبيراً في الموارد “وهناك الكثير من الأمثلة المشابهة التي خلفت في نتيجتها أحقاداً وصلت إلى حد العداء فيما بين الفصائل التابعة لتركيا وتركتها في حالة من الصراع البارد الذي يتحول إلى مواجهات مباشرة في بعض الأحيان” وفق حديثه.
كما فتحت هذه الانقسامات الباب مؤخراً أمام “أبو محمد الجولاني” متزعم “جبهة النصرة” لزج مقاتليه في مناطق سيطرة فصائل تركيا شمالي حلب، ولو من الباب الضيّق، حيث شهدت الفترة الماضية إرسال أعداد كبيرة من مسلحيه بشكل خاص إلى منطقة عفرين، بناءً على طلب قياديي عدة فصائل تباينت أهدافهم من استقطاب مسلحي “النصرة” ما بين ضبط الأمور الداخلية ضمن فصائلهم، أو لزيادة قوتهم في حال الدخول بصراعات واقتتالات مباشرة مع الفصائل الأخرى.
وتمثل مناطق سيطرة فصائل أنقرة في شمال حلب، هدفاً رئيسياً لمتزعم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني”، الذي لا يدّخر جهداً في محاولة التغلغل ضمن تلك المناطق في سبيل تحقيق حلمه بالسيطرة عليها بشكل كامل وضمها إلى مناطق نفوذه في إدلب، في خطوة يرى بعض المحللين الاستراتيجيين لـ “أثر” على أنها تهدف لإبقاء “النصرة” بمثابة “الفزّاعة” التي تُرهب بها تركيا كل من يحاول شق عصا الطاعة عليها من الفصائل.
حلب