خاص || أثر برس تستمر تركيا بتنفيذ سياساتها القائمة على تتريك المناطق الخاضعة لسيطرتها في شمال حلب، وتغيير طابعها الديموغرافي، وخاصة في منطقة عفرين التي لطالما تميزت بالتنوع الاجتماعي وكانت مثالاً في التعايش المشترك بين مختلف الأديان والأعراق، قبل أن تجتاحها القوات التركية ومسلحوها مطلع العام /2018/.
وفي ذلك السياق، أفادت مصادر محلية لـ “أثر” من عفرين، بأن الحكومة التركية، افتتحت يوم أمس مدرسة جديدة في ناحية “راجو” بريف عفرين الشمالي الغربي، وأقامت حفل افتتاح كبير رُفعت خلاله الأعلام التركية بشكل رئيسي فوق المدرسة، بحضور عدد من الشخصيات الحكومية التركية القادمة من ولاية “كلّس” إلى جانب عدد كبير من قياديي الفصائل الموالية لتركيا والمنتشرة في منطقة عفرين.
وأوضحت المصادر بأن تركيا كانت قد بدأت ببناء المدرسة قبل عدة أشهر، قبل أن تنتهي منها مؤخراً بعد تجهيزها بمستلزمات تعليمية حديثة لتشجيع الأهالي على تسجيل أبنائهم فيها، مشيرةً إلى أن التعليم في المدرسة، بحسب ما تم توضيحه خلال حفل الافتتاح، سيكون حصراً باللغة التركية، ووفق المناهج التعليمية المتّبعة في تركيا.
وفي سبيل التشجيع على التسجيل في المدرسة، كخطوة أولية، أعلن القائمون الأتراك أن التعليم في المدرسة الجديدة سيكون مجانياً بالكامل مع تحمّل كافة نفقات الدراسة للطلاب، فيما نوّهت المصادر بأن المدرسة لقيت إقبالاً واسعاً على التسجيل فيها، ولكن من قبل المسلحين الذين كان تم استقدامهم سابقاً من غوطة دمشق على وجه التحديد، والذين سارعوا إلى تسجيل أبنائهم في تلك المدرسة.
وخلال حديثها لـ “أثر”، رجّحت المصادر إمكانية أن تتخذ تركيا خطوات متقدّمة خلال الفترة القادمة لناحية إجبار من تبقّى من السكان الأصليين في ناحية “راجو” على تسجيل أبنائهم في المدرسة الجديدة، بهدف تغيير قواعد تنشئة الجيل الحالي وإبعادهم عن اللغتين العربية والكردية اللتين كانتا تُعتبران اللغتين الرئيسيتين في منطقة عفرين منذ أجيال عديدة.
وفصّلت المصادر بالقول، أن القوات التركية ومنذ احتلالها لمنطقة عفرين في ريف حلب بشكل خاص، عملت على إدخال اللغة التركية إلى المدارس بطريقة ثانوية، تزامناً مع تغييرات في آلية وطرق التدريس عبر استخدام الرموز التركية بشكل كبير، إلا أن الخطوة الحالية المتمثّلة في إنشاء مدرسة باللغة التركية، تعد الأولى من نوعها التي تتخذها أنقرة بتلك الطريقة الواضحة والصريحة، والتي تدل مجدداً على السعي التركي المستمر إلى تغيير الطابع العام في المنطقة وطمس هويتها وإبعادها بشكل كبير عن النسيج الاجتماعي والثقافي السوري.
وعملت تركيا منذ احتلالها منطقة عفرين، على تنفيذ خطوات متتالية لتغيير هوية المنطقة وفرض الطابع التركي عليها، عبر سلسلة من الخطوات التي كانت بدأت بتغيير أسماء الشوارع والقرى من العربية والكردية إلى اللغة التركية، إلى جانب منح الأهالي بطاقات إقامة تركية مؤقّتة، وإلحاق منطقة عفرين إدارياً بولاية “كلس”، ورفع الأعلام والرايات التركية فوق كافة المرافق والمراكز الخدمية، إلى جانب حظر التحدث باللغة الكردية في العديد من المناطق، وإرغام الأهالي على التداول والتعامل بالليرة التركية، عدا عن الشركات والمرافق الخدمية التركية، على اختلاف تخصصاتها، والتي تم الزج بها في مناطق شمال حلب بشكل عام تحت ذريعة تقديم الخدمات للقاطنين.
زاهر طحان – حلب