تستمر تركيا بالإعراب عن رغبتها بالتقارب مع دمشق، إذ أصدر مؤخراً مجلس الأمن القومي التركي، بياناً قال فيه: “تركيا لن تسمح لدعوات التفرقة أن تحرّض على علاقات الصداقة القديمة بين الشعبَين التركي والسوري”، داعياً إلى مواصلة الجهود للتوصّل إلى “اتفاق حقيقي” يشمل كل الأطراف في سوريا.
ووفق البيان، فإن “تطهير الأراضي السورية من الإرهاب الانفصالي يصبّ في مصلحة سوريا أولاً”.
وفي سياق متصل، نقلت صحيفة ” آيدينلق” التركية عن مصادر وصفتها بـ”المعتبرة” أنه تم عرض مسوّدة اتفاق على الجانبَين السوري والتركي، في سياق العمل على إنجاز التقارب بينهما.
ووفق ما نقلته الصحيفة في تقرير ترجمته صحيفة “الأخبار” اللبنانية، فإن البنود التي يتعين على الجانب التركي الالتزام بها هي:
- حظر النشاطات التي تقوم بها المعارضة على الأراضي السورية، وتستهدف سوريا.
- تسليم الأشخاص «الراديكاليين والمتورطين» الذين تسمّيهم الحكومة السورية، إلى سلطات هذا البلد.
- قبل الانسحاب النهائي من الأراضي السورية، ستسلِّم إلى الدولة السورية بشكل نهائي مناطق إدلب وشمالي حلب.
- تسليم المعابر على الحدود السورية – التركية، والتي تشرف عليها حالياً المعارضة السورية، لحكومة دمشق، وعدم المطالبة بدستور ونظام سياسي جديدَين لسوريا.
- ممارسة ضغوطاً على الولايات المتحدة لسحب جنودها من الأراضي السورية. ولتحقيق ذلك، ستقدّم المساعدة للجانب السوري.
- دعم الجيش السوري لبسط سيطرته كاملةً على مناطق شمالي وشرقي الفرات.
أما فيما يتعلق بالجانب السوري، فوفق ما أفادت به صحيفة “آيدينلق” فإن مسودة الاتفاق تقضي بأن:
- توافق سوريا، في المرحلة الأولى، على عودة ما بين مليون ومليوني سوري لاجئ في تركيا إلى بلدهم.
- ضمان عدم تعرُّض أيٍّ من الذين يعودون لأيّ ملاحقة قضائية.
- ضمان ضمّ “المعارضة المعتدلة” التي يوافق عليها الجانب السوري، إلى الحكومة.
- القضاء على “حزب العمال الكردستاني” ومنع أيّ هجمات تقوم بها هذه المنظمة ضدّ تركيا انطلاقاً من الأراضي السورية، وفي حال لم يكن ذلك كافياً، فسيكون للجيش التركي الحقّ في مطاردة المسلحين بعمق يصل إلى 30 كيلومتراً.
وبعد عرض هذه البنود، أشارت الصحيفة التركية إلى أنه في حال الموافقة على المسوّدة، سيجتمع الطرفان ويوقّعان على الاتفاق الأمني في لقاء رسمي، وحينها، سيلتقي الرئيس بشار الأسد، مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، ويتصافحان، وفق مصادر “آيدينلق”.
ومنذ أن بدأت التصريحات التركية التي تؤكد على رغبة أنقرة بالتقارب مع دمشق، تعمل الصحف العربية والتركية على نشر تسريبات حول كواليس المحادثات السورية- التركية، وتعقيباً على هذه التسريبات قال السفير الروسي في سوريا ألكسندر يفيموف، في لقاء صحفي نُشر في 21 تموز الجاري: “أعتقد أن كل ما تنشره وسائل الإعلام سابق لأوانه، لأن إجراء اتصالات مباشرة بين ممثلي الجمهورية العربية السورية والجمهورية التركية بشأن التطبيع يجب أن يسبقه إعداد دقيق، وهو جارٍ على قدم وساق”، موضحاً أن “آلية الحوار الرئيسية حول هذه القضية هي الصيغة الرباعية (روسيا وإيران وسوريا وتركيا)، وفي إطاره، تستمر الجهود الرامية إلى تقريب التوجهات الأساسية بين دمشق وأنقرة”.
وكانت أول التصريحات التركية في 28 حزيران الفائت إذ أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منذ ذلك التاريخ مرات عدة عن رغبته بلقاء الرئيس الأسد، وإعادة العلاقات مع دمشق إلى ما كانت عليه في الماضي، معلناً أنه كلّف وزير خارجيته حقّان فيدان، بتحقيق تقدم في ملف التقارب مع دمشق.
وفي 23 تموز الجاري أكد فيدان، أن “هناك خطوات على تركيا اتخاذها بالتعاون مع الدولة السورية مثل أمن الحدود، ومكافحة الإرهاب، وعودة اللاجئين عودة آمنة”.
أما فيما يتعلق بالموقف السوري، فشدد الرئيس بشار الأسد في تصريحات صحفية أدلى في تاريخ 15 تموز الجاري، أن هذه العملية تحتاج متطلبات محددة لتكون ناجحة، وقال متسائلاً: “هل يمكن أن تسير هذه العلاقة من دون قانون دولي، ومن دون الحديث عن الماضي بالشكل الصحيح ومن دون الحديث عن الأخطاء السياسية التي أدت إلى تدمير منطقة كاملة وسقوط مئات الآلاف من القتلى؟ هل يمكن أن ننطلق باتجاه المستقبل من دون أن نستفيد من دروس الماضي ونضع أسس لكي لا تسقط به وبأفخاخه الأجيال القادمة؟”.
وقال الرئيس الأسد: “نحن إيجابيون تجاه أي مبادرة لتحسين العلاقة وهذا شيء طبيعي، لا أحد يفكر أن يخلق مشاكل مع جيرانه ولكن هذا لا يعني أن نذهب من دون قواعد، اللقاء هو وسيلة والوسيلة بحاجة لقواعد ومرجعيات عمل لكي تُنتج فإذا لم تُنتج فقد تصبح العلاقات أسوأ”.
وفي معرض حديثه عن ملف إعادة العلاقات مع أنقرة إلى ما كانت عليه في الماضي، دعا إلى التساؤل عن أسباب خروج العلاقات عن مسارها الطبيعي، قائلاً: “أول سؤال يجب أن نسأله لماذا خرجت العلاقات عن وضعها الطبيعي منذ ثلاثة عشر عاماً؟، لم نسمع أي مسؤول تركي يتحدث عن هذه النقطة بشكل صريح”، مؤكداً أن في الماضي كانت الأمور هادئة، مضيفاً أن “سوريا دائماً متمسكة بما التزمت به منذ أكثر من ربع قرن، بموضوع الأمان على طرفي الحدود ومكافحة الإرهاب”.
يشار إلى أن القوات التركية شنت منذ بداية الحرب في سوريا ثلاثة عمليات عسكرية سيطرت إثرها على مناطق عدة شمالي سوريا.