تستعدّ جامعة الدول العربية لإجراء أول لقاء سياسي للجنة الخاصة التي أُنشئت بشأن سوريا، وسط توقّعات بأن يتمّ الاجتماع منتصف الشهر المقبل، في وقتٍ يشهد فيه مسار الحل السياسي في سوريا جموداً ممزوجاً بتسخين في الميدان شرقي وشمالي البلاد، وتدهور الواقع المعيشي للسوريين.
ومن الواضح أنّ الجامعة العربية تسعى للمرة الأولى منذ عودة سوريا إلى مقعدها في 7 أيّار الفائت للانتقال بعملها إلى المضمار العملي تجسيداً للدور القيادي العربي الذي أُعلن عنه في قمة جدّة الفائتة، للانخراط في مسار الحل السياسي للأزمة السورية.
ويأتي ذلك في ظلّ ارتفاع مستوى الاحتكاكات السياسية والميدانية الروسية- الأمريكية في سوريا، واستقدام الولايات المتحدة مزيداً من التعزيزات العسكرية، إذ كشفت شبكة “نيوز 7” الأمريكية، في وقت سابق أنّ “2500 عسكري أمريكي من الفرقة الجبلية العاشرة في طريقهم إلى سوريا والعراق”، ونقلت عن قائد الوحدة مات برامان، قوله إن “هؤلاء الجنود سيكونون جزءاً من عملية العزم الصلب التابعة للتحالف الأمريكي في المنطقة، مضيفاً: إنّهم “قد يحلّون محلّ القوات الموجودة حالياً”.
كما تحاول واشنطن عرقلة مسار “أستانا”، وعملية التقارب التركي- السوري، مؤكدةً أنها لن تسمح بتغيير الواقع الميداني شمالي البلاد، بالإضافة إلى أنها بدأت منذ مطلع حزيران الفائت تصعيدها في أروقة مجلس الأمن، بحثاً عن قرار جديد يعيد وضع المعابر وفق البازار السياسي، ويمنع موسكو من فرض شروط تتعلّق بمشاريع “التعافي المبكر”، وتمرير مساعدات عبر خطوط دمشق، وعزل قضية اللاجئين السوريين عن الملفّات الأخرى في سوريا.
وكان البيان الختامي للقمة العربية التي عُقدت في جدّة في 19 من أيّار الفائت تضمن تشكيل لجنة وزارية بعضوية كل من مصر والأردن والسعودية والعراق ولبنان والأمين العام للجامعة العربية، بهدف التواصل المباشر مع سوريا للوصول إلى حل للأزمة السورية، بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254، ويعالج جميع تبعات الأزمة الإنسانية والسياسية والأمنية.
من جهته، يحاول المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون استكمال عمل “اللجنة الدستورية” بعد إجراء تعديلات على آلية عملها تمّت مناقشتها في اللقاء الأخير لدول “مسار أستانا” في كازاخستان.
وتضمّنت تلك التعديلات، إلى جانب نقل مقرّ عمل “الدستورية” من جنيف إلى مدينة أخرى لم يتمّ الاتفاق عليها حتى الآن، الانتقال من الآلية التي كانت قائمة عبر إجراء لقاءات دورية، إلى وضع خطة عمل مشتركة قائمة على عقد لقاءات مطوّلة لمناقشة كلّ نقطة خلافية موسّعاً والخروج بنتائج توافقية، لكنّ هذه الأمور ما تزال قيد الدراسة، بينما يُنتظر التوافق على الوجهة الجديدة للقاءات، والتي لا يُستبعد أن تكون في تركيا أو الأردن أو سلطنة عمان، بالنظر إلى وجود عروض مقدَّمة بالفعل من هذه الأخيرة لاستضافة أعمال اللجنة، وفقاً لما نقلته صحيفة “الأخبار” اللبنانية.
وفي هذا الإطار، أكد بيدرسون في إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن أمس الاثنين، أنّه حتى الآن “لم تُترجم أشهر من الدبلوماسية التي يحتمل أن تكون مهمة إلى نتائج ملموسة للسوريين على الأرض، في الداخل أو في الخارج، أو تحركات حقيقية في العملية السياسية، وآمل أن يفعلوا ذلك قريباً”، محذراً من أنه “إذا لم يحدث ذلك، فستكون فرصة أخرى ضائعة لمساعدة الأزمة السورية في الوصول إلى نهاية تفاوضية، موضحاً أنّ “مبدأ (خطوة مقابل خطوة) مهم للتقدم في الحل السياسي للأزمة السورية”.
وأضاف إنه “سعى للتفاعل مع الأطراف السورية والعربية والدولية للبناء على ما أُنجز في الملف السوري إيجابياً”، لافتاً إلى أنّ “مشروع إصلاح الدستور السوري ما يزال يشهد الكثير من الخلافات”، وتابع: “من مصلحة الشعب السوري أن تتواصل أعمال اللجنة الدستورية”.
يشار إلى أن بيدرسون أعرب بعد انتهاء أعمال قمة جدّة عن “حرصه على العمل مع اللجنة الوزارية العربية، لمتابعة الدفع بالحل السياسي وفقاً لمقاربة خطوة مقابل خطوة”، وفي هذا السياق أجرى سلسلة من اللقاءات والمباحثات في أيّار الفائت مع المسؤولين في روسيا وإيران والسعودية ومصر والأردن، وعدد من الدول الأوروبية، لتحريك المسار الأممي، تعبيراً عن تفاؤله بحلحلة المشهد السوري.
أثر برس