كشف مندوب سوريا الدائم في مجلس الأمن بشار الجعفري، كواليس اجتماع مجلس الأمن، والظروف التي جرى فيها تعديل قرار الهدنة.
وأفاد الجعفري في حديث له مع صحيفة “رأي اليوم” اللندنية بأن طلب النص الأصلي لمشروع القرار لم يُشر في مسودته الأولى إلى استثناء “داعش” و”جبهة النصرة” والمجموعات المرتبطة بهما من وقف الأعمال العسكرية.
وقال الجعفري حول النص الأصلي الذي تقدمت به الكويت والسويد: “إن النص لم يُشر أبداً إلى ما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة من قصف متعمد للمدنيين في مدينة دمشق، ولذلك بدا واضحاً منذ البداية أن هدفه هو تشويه صورة الحكومة السورية، وإظهارها بمظهر من يستهدف المدنيين من مواطنيها، وعرقلة العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري بدعم من حلفائه لمواجهة الإرهاب، وإعطاء الفرصة للمجموعات الإرهابية لإعادة إمدادها بالسلاح والعتاد والأفراد كي يستمر مسلسل الضغط المستمر على الحكومة والجيش في سوريا”.
وتناول المندوب السوري لدى مجلس الأمن موضوع الاتهامات الموجهة للحكومة السورية باستخدام الكيماوي حيث قال: “وتزامن كل هذا مع الحديث المكثف مجدداً عن استخدام الأسلحة الكيميائية، ناهيك عن هدف مُبيت قديم يتمثل بإنهاء مسار أستانة ونقل موضوع وقف الأعمال العدائية الى مجلس الأمن”.
ونقلت “رأي اليوم” عن الجعفري قوله: “لم يُشر النص الأصلي إلى مسؤولية الدول والأطراف التي تدعم المجموعات الإرهابية المسلحة لممارسة نفوذها على هذه المجموعات كي توقف جرائمها بحق المدنيين، وضمان التزامها بوقف الأعمال العدائية، وتقديم ضمانات ذات صلة من تلك الدول، ولم يأخذوا في الاعتبار أن الجيش السوري قد خصص ممر آمن لخروج المدنيين”، لافتاً إلى الدعوة التي وجهتها الحكومة السورية لفصائل المعارضة والتي تتعلق بإلقاء السلاح والتوقف عن ممارسة الإرهاب من داخل المناطق والأحياء السكنية، والانخراط في مبادرات المصالحة الوطنية.
وأكد الجعفري أنه نتيجة لهذه المعطيات بدأت مفاوضات على تغيير صيغة النص الأصلي لم تقتصر فقط على الساعات التي سبقت تأجيل موعد جلسة التصويت، بل كانت هناك مفاوضات “ماراثونية” وعلى مدار الساعة لعدة أيام، إذ تمثل الموقف الغربي بالمحافظة على النص الأصلي كما هو، مشيراً إلى أنه نتج عن هذه المفاوضات تعديل في نص القرار إلى الشكل الذي أُعلن عنه.
ووصف بشار الجعفري أن أحاديث بعض وفود الدول الغربية التي تتعلق بأنها تسابق الزمن لاعتماد مشروع القرار بأنها “كاذبة”، لافتاً إلى أن هذا الاتهام يستند على الأدلة التالية:
1 ـ بعد مرور سبع سنوات من الحرب على سوريا، وإقرار دولي بأن سوريا تعاني من جرائم تنظيمي “داعش” و”النصرة” وغيرهم، فإن القرار الذي طرحته الدول الغربية بصيغته الأولية، والذي من المفترض أن يتناول ما تقوم به المجموعات الإرهابية ضد مدينة دمشق، قد خلا حتى من الإشارة الى ذكر قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وعددها 13 قراراً، من أصل 29 قراراً اعتمدها المجلس حول الوضع في سوريا منذ بداية ما اصطلح على تسميته بالأزمة السورية.
2 ـ إن الوفدين الروسي والسوري هما اللذان طلبا الدعوة لعقد اجتماع بشكل عاجل بتاريخ 22 شباط لمناقشة الوضع في الغوطة الشرقية وما يتعرض له المدنيون في مدينة دمشق من قصف يومي من قبل فصائل المعارضة.
3 ـ الوفد الأمريكي حاول منذ البداية وخصوصاً مع بريطانيا وفرنسا الدفع بالتصويت على مشروع القرار بصيغته الأصلية دون القبول بأي تعديلات عليه، بهدف استفزاز امتياز الفيتو الروسي، أي أن الهدف سياسي وليس إنسانياً.
4- أضاعت الوفود الغربية معظم وقت التفاوض على عبارات تُدرك مُسبقاً أنه لا يمكن تمريرها، بدلاً من إدخال تعديلات جوهرية تضمن تأمين الفاعلية اللازمة للهدنة، ووقف “المجموعات الإرهابية” لاستهداف مدينة دمشق.
وتأتي تصريحات بشار الجعفري بعد طرح العديد من إشارات الاستفهام حول سبب تأجيل الإعلان القرار، دون أن تجد إجابة من أي طرف.
وبعد دخول الهدنة يومها الثالث لا تزال تشهد العديد من الخروقات، حتى أن الهدنة المؤقتة التي طرحتها روسيا لخروج المدنيين خرقت بضرب فصائل المعارضة لمعبر الوافدين بقذائف الهاون أمس واليوم، مما عرقل عملية خروج الأهالي إلى الأماكن التي خصصت لهم.