خاص ||أثر برس يشكل القطاع الزراعي السوري من 25 – 35 % من الناتج المحلي، ويعتمد في سوريا مليون هكتار على مياه الأمطار مقابل 690 ألف هكتار تروى بمياه المشاريع الزراعية، في الوقت الذي يذهب هدراً من الواردات المائية 65 %، بحسب ما كشف لـ”أثر برس” مدير الموارد الطبيعية والبشرية في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية الدكتور محمد منهل الزعبي.
ويتابع الزعبي في حديثه عن الواردات المائية مذكراً بأن “حصة سوريا من واردات مياه نهر العاصي (بحسب الاتفاقية الموقعة مع لبنان) هي 400 مليون متر مكعب سنوياً”، في حين تبلغ حصة لبنان 80 مليون متر مكعب.
الواردات المائية من البادية:
وبالنسبة للحصاد المائي في سوريا (تقنية تستخدم لجمع وتخزين مياه الأمطار لاستخدامها لاحقاً)، أوضح الدكتور منهل الزعبي أن كميات الموارد المائية المتجددة في البادية السورية السطحية والجوفية بشكل وسطي خلال السنوات العشر الماضية بلغت نحو 175 مليون م3، إذ انخفض معدل الأمطار في البادية دون الـ200 م3، كما أنها غير منتظمة ومتذبذبة من سنة إلى أخرى.
وهنا أشار إلى أن القسم الأكبر من هذه المعدلات المطرية يذهب هدراً وخاصة في بادية ريف دمشق، رغم وجود السدود والسدات هناك إلا أنها تحتاج إلى تأهيل وصيانة، في الوقت الذي تتعرض فيه البادية السورية عموماً إلى سنوات جفاف قاسية ومتتالية كما حدث خلال السنوات الأربع الماضية.
وزاد الدكتور الزعبي على ذلك بأن الأيام الممطرة في السنة لا تتعدى 5 إلى 25 يوم، وعدد المطرات الفاعلة من صفر إلى 13 مطرة في السنة بمعدل 10ملم في اليوم.
وكشف أن الهطولات العالية في كثير من الأحيان إما ينجم عنها سيول جارفة تؤدي إلى انجراف التربة وتشكل الأخاديد فيها وخاصة في المناطق معدومة الغطاء النباتي، مبيناً أنها تكون شديدة الملوحة وغير صالحة للشرب لكن لو تم تخزينها في سدود لكانت الفائدة أجدى بكثير للقاطنين في أعماق البادية وتحديداً للثروة الحيوانية، أو تكون الهطولات غزيرة تتبخر بشكل مرتفع.
ويضيف الدكتور الزعبي: ولعل المسألة الهامة في هذا المجال أيضاً، هي أن المياه التي يتم تخزينها في البادية شديدة التبخر بنحو 300 ملم نظراً لارتفاع درجات الحرارة”.
وحول إمكانية إقامة المزيد من السدات والسدود في البادية، بين مدير الموارد الطبيعية في الهيئة العامة للبحوث الزراعية بأنه تم حصر العديد من المواقع التي تحتاج للتخديم بالمياه في هذا الشأن، وأجريت عليها الدراسات الهيدرولوجية والفيزيائية لتحديد نقاط الحفر المناسبة للتخزين وحفر الآبار، كل ذلك في محاولة لحصد المزيد من المياه.
إلى ذلك، أوضح الزعبي أن الوضع الفني للآبار في كل من بادية ريف دمشق وحمص وحماة، غير جيد حيث تحتاج إلى إعادة تأهيل وصيانة لإعادة وضعها بالاستثمار، زد على ذلك استخدام مياه الأمطار عن طريق تقنية حفر تجميعية كتيمة على أطراف مجاري السيول.
وختم الزعبي حديثه لـ”أثر” بالتأكيد على دعم إمدادات المياه في البادية وغيرها، مضيفاً: “عندما يتعلق الأمر بالمياه فكل قطرة ماء لها ثمنها فهي مصدر أمننا الغذائي ومصدر الحياة البشرية”.
وهنا يبين أنه تم خلال الفترة 2004 حتى 2008 إنشاء 36 حفرة تخزينية بسعة 15000 م3 للحفرة الواحدة بهدف الاستفادة من الجريانات السطحية في الشتاء وتخزينها، لكن لم يتم العمل بها منذ تلك الفترة وهي بأمس الحاجة إلى إزالة الرواسب، كون أعمالها البيتونية تعرضت للتخريب وباتت بحاجة إلى تعزيل لإعادتها من جديد.
الواردات المائية من نهر العاصي:
وحول الواردات المائية من نهر العاصي، بين مدير موارد حماة الدكتور مطيع عبشي لـ”أثر” بأن وضع سدود أفاميا الثلاثة غير جيد ولا تصلح لتخزين المياه الواردة إلى سهل الغاب سواء أكانت من نهر العاصي أو الينابيع في السفح الغربي للسهل.
وأشار إلى أن ما يتم تخزينه اليوم هناك يكون عن طريق إغلاق أقنية الري الرئيسية وبعض السدات، سيما وأنه تم بتأهيل محطة ضخ التوينة، بانتظار تأهيل السدود لرفع المياه إليها.
وتعاني سوريا التي تعتبر بلد الأنهار من شح المياه بحسب شكاوى أهالي وفلاحين وردت خلال السنوات الماضية، حيث يمر نهر الفرات الذي ينبع من تركيا على أراضيها لمسافة 675 كيلومتراً، ونهر دجلة على مسافة 50 كيلومتراً ونهر العاصي بطول 325 كلم، فضلاً عن الأنهار الجبلية الساحلية القصيرة، كنهر السن والكبير الشمالي.
وتحوي سوريا عدداً من البحيرات الطبيعية والاصطناعية المتشكلة خلف السدود أكبرها بحيرة الأسد، والبحيرات السبع قرب اللاذقية، وبحيرتا 17 نيسان على نهر عفرين والرستن على نهر العاصي، إضافة للبحيرات الطبيعية، وأهمها قطينة قرب حمص وزرزر قرب الزبداني، ومسعدة في الجولان التي تتميز بمياهها الكبريتية.
ورغم ذلك، تقع سوريا في المرتبة 31 عالمياً بين الدول التي ستعاني من خطر الجفاف العالمي، وستشهد عجزاً مائياً مع بداية عام 2030، وفقاً لتقارير أطلس المخاطر المائية من مؤسسة الموارد المائية العالمية.
محمد فرحة