خاص || أثر برس في طريق وعرة تبعد عن الطريق الإسفلتية 4 كلم في قرية خربة القبو بريف طرطوس ،بين تضاريس جبلية قاسية وانعدام مقومات الحياة تعيش عائلة مؤلفة من زوجين و4 أطفال في كهف حجري على أطراف الحياة التي يقتفون أثرها وهم يتلمسون سبل البقاء بأبسط سبل الحياة.
كان نحته الزوج قبل 15 عاماً عندما أراد الزواج، ولا يزال يقطنه هو وعائلته حتى اليوم.
رب العائلة سعيد صيوح يؤكد لـ “أثر” أنه قبل 15 عاماً، عندما أراد الزواج، بنى غرفة في قريته من “حجر قطع”، لكنه بعد مرور ثلاث سنوات أصبح سقف الغرفة يرشح بقوة، مضيفاً: “بت خائفاً أن ينهار السقف علينا، فما كان أمامي سوى بناء غرفة ثانية مجاورة، لكن من المعلوم أن عملية البناء مكلفة جداً، وليس لدي مال أو أحد أستدين منه، فأهلي حالتهم المادية (على قد حالهم)”.
وتابع صيوح “كان أمامي خيار وحيد وهو نحت الصخرة الموجودة إلى جانب غرفتي وتحويلها إلى غرفة أخرى”، مستدركاً: “أعرف أنها لا تلبي شروط الحياة واحتياجاتها، إلا أني فعلت ذلك من باب جود بالموجود”.
وأضاف: “صحيح أن كهفنا أو منزلنا أو أي تسمية تشاؤون، يفتقد لكل مقومات الحياة، لكنه يضمن لعائلتنا سقفاً نجتمع تحته بحب وأمل أن الغد سيكون مختلفاً”، مشيراً إلى عدم توفر المياه والكهرباء والغاز وغيرها من ضروريات الحياة، مدللاً بأنهم ينقلون المياه من نبع القرية الذي يبعد عن منزلهم الحجري نحو كيلو متر، وذلك بالعبوات البلاستيكية ليتمكنوا من تأمين احتياجاتهم المتعددة من المياه. ناهيك عن استخدام الحطب للطبخ والتسخين والغسيل والتدفئة شتاء.
أحلام صيوح وعائلته بسيطة بساطة الحياة الأولية التي يعيشونها، بدون تعقيد مغريات الحياة والتسلق على استدرار مشاعر التعاطف مع حياتهم البائسة، إذ يحلم صيوح بمشروع صغير دون أن يحدد أو حتى يخطط لماهية ذلك المشروع، فهمه الوحيد هو مصدر رزق يستند إليه لتحسين مستوى معيشته.
صيوح لديه راتب واحد يعيش هو وعائلته من خلاله، يحاولون قدر المستطاع أن يبقوا مع غلاء المعيشة يعيشون على أطراف الحياة بكرامتهم ودون أن يمدوا أيديهم للناس، خاصة أن حالة ذويه المادية ليست أفضل منه حالاً.
مرارة الحياة التي يتجرعها صيوح وعائلته يومياً لا يحليها سوى سعادته الغامرة بتفوق أولاده الأربعة في الدراسة، إذ يقول والغصة تتدحرج قبل الكلمات لتكبت دموعاً قد تتسلل إلى عينيه فتسلب فرحته كبريائها: “لا يهون عليّ مرارة عيشي وقلة حيلتي سوى أن أولادي من الأوائل على زملائهم في المدرسة التي حرصت أنا وأمهم على إرسالهم إليها وتدبر احتياجاتهم المدرسية ولو قطعنا الكثير من لوازمنا حتى نؤمن لهم مستقبلهم العلمي”.
وفي هذا الصدد، أشار بسعادة ممزوجة بالفخر إلى أن ابنته الكبرى في الصف الأول الإعدادي، وولدين في الصف الاول والثاني الابتدائي، وأصغر أولاده في الروضة.
طرطوس- صفاء علي