خاص || أثر برس لا يمتلك أمجد ثمن الحطب، لذلك يطوف شوارع المدينة وحدائقها بحثاً عن قطع الخشب والعيدان، كما يقوم بقطع الأغصان اليابسة من الأشجار في الحدائق ومنصفات الطرق العامة، يحتاج الأمر لثلاث أو أربع ساعات من العمل يومياً، يوفر فيها تكلفة التدفئة التي قد تصل لـ 10 آلاف ليرة سورية إذا ما استهلك خمسة كيلوغرام من الحطب.
الرجل الذي يبلغ من العمر 45 عاماً، ويعمل موظفاً في إحدى بلديات ريف دمشق صباحاً وعاملاً على بسطة بيع مشروبات ساخنة ليلاً، يعتبر أن جمع الحطب مهنته الثالثة، وأجره يأتي على شكل دفء، رافضاً اعتبار قطع الأغصان اليابسة والصغيرة من الأشجار عملية ضارة بالغطاء النباتي، فبحسب ما أوضح لـ”أثر برس” هو لا يأخذ إلا الميت منها، ما يتيح للشجرة التخلص من عبء هذه الأغصان وبالتالي النمو أسرع (حسب وجهة نظره)، والمسألة لا تعدو عن كونها تقليم للأشجار وبالتالي يجب ألا يوجد قانون يعاقب عليها، بل يجب أن تكون هناك مكافأة لمن يقوم بها، وفقاً لاعتبارات أمجد.
لا حل بديل:
تقول أم ياسمين (اسم مستعار)، إنها تدخل مكبات القمامة بحثاً عن الخشب التالف لتحويله لوقود يشغل مدفأة ببيتها، وتقول خلال حديثها لـ “أثر برس”: “أشعر بالخجل عند دخول المكبات لكن حين أجد نسوة مثلي ينبشن القمامة بحثاً عما يباع، أتناسى خجلي وأجمع ما أجده من خشب وأغادر المكب سريعاً، وأحياناَ أذهب للمناطق التي يوجد فيها بساتين مثل أطراف مدينة جرمانا أو طريق المطار، وأمشي بين الأشجار بحثاً عن أغصان مرمية على الأرض، لأجمعها أياً كان حجمها أو سماكتها، فالعيدان الرفيعة يمكن استخدامها كحطب من بتحويلها لحزم صغيرة توضع في المدفأة تباعاَ”.
تقول السيدة التي يقترب عمرها من الـ 40 عاماً: “إن جمع الحطب يوفر الكثير من المصاريف، فسعر الطن الواحد من الحطب وصل لـ 2 مليون ليرة في بعض المناطق، الأمر يعتبر بمثابة الاستنزاف غير المقدور عليه من قبل غالبية العوائل، فهذا المبلغ يساوي آجار منزل لمدة سنة تقريباً، ولذا لابد من البحث عن مصادر للدفء من دون تكاليف سوى التعب”.
بوقت تقول عفاف إنها تعمل يومياً على جمع الخشب والحطب وكل ما هو قابل للاشتعال، وتضيف في حديثها لـ “أثر برس”: “سعف النخل وثمار الصنوبر والسرو البري يمكن أن تستخدم لتشغيل المدافئ، وشخصياَ أجمع يوم لمنزلي، ويومين بهدف البيع للجيران بمبلغ 500 ليرة للكيلو الواحد، أحياناً أجمع ما بين 30-40 كيلو من ثمار الصنوبر والسرو، أنقلها حملاً على رأسي، أترك لمنزلي ما يبقيه دافئاً والباقي للبيع لأزيد دخل أسرتي”.
وتؤكد السيدة التي ترفض أن يتم تصويرها أن “البحث عن بدائل هو يميز حياتنا اليوم، نحاول أن نجد لأي سلعة غالية بديل، وحين فقد المازوت والحطب، حملت كيساً وخرجت إلى الحدائق لأجمع ما يمكن إشعاله دون أن يكون مؤذياً صحياً، لكن ذلك لا يمنع أن أستخدم الاحذية القديمة لتشغيل الحمام بعد أن عدلناه لدى أحد العاملين في “الحدادة”، ليكون قابلاً للتشغيل بالحطب أو بما يمكن إحراقه، فالحمام بعد أن يسخن يمكن أن ينتظر الشخص حتى تزول الروائح والغازات الضارة من ثم يستحم، لكن مثل هذه المواد ليس من الصحي تشغيلها في مدفأة المنزل”.