يستمر الزخم السياسي في مسألة اللاجئين السوريين، إذ شهد الأسبوع الأخير تحركات أردنية ولبنانية مكثفة في هذا الملف، كما أعلن الجيش اللبناني يوم الخميس 7 أيلول الجاري إحباط محاولة تسلّل نحو ألف ومئتي سوري إلى لبنان الأسبوع الحالي.
وفي سياق هذه التحركات، تلقى وزير الخارجية فيصل المقداد، أمس الأربعاء اتصالاً هاتفياً من نظيره اللبناني عبد الله بو حبيب، لبحث مسألة اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان.
وأعلن بو حبيب، في الاتصال أنه سيترأس وفداً رسمياً لبنانياً لزيارة سوريا في مدى قريبة لبحث قضية اللاجئين السوريين، مشدداً على “حرص حكومة بلاده على التنسيق والتعاون مع سوريا في هذا الإطار”، وفق البيان الذي نشرته الخارجية السورية.
وأكد المقداد، في الاتصال أن “سوريا ترحب بعودة جميع اللاجئين السوريين إلى وطنهم وتقدم كل ما بوسعها لتسهيل عودتهم”، موضحاً أن ما يعوق عودتهم هي العواقب الناجمة عن استمرار الاحتلال التركي والأمريكي لشمال سوريا الغربي وشمالها الشرقي ونهب ثرواتها، إضافة إلى الآثار الكارثية لاستمرار تطبيق الإجراءات الاقتصادية غير الشرعية المفروضة على سوريا من الدول الغربية المعادية للبنان وسوريا”.
اهتمام لبناني وأردني بقضية اللاجئين السوريين:
جاء الاتصال الهاتفي الذي تلقاه المقداد، من بوحبيب، بعد ساعات من لقاء الأخير الرابطة المارونية اللبنانية، إذ أوضح في اللقاء أن وزارته، “تتابع أزمة النزوح السوري في جميع المؤتمرات الدولية والإقليمية ومع السفراء المعتمدين في لبنان والمفوضية السامية للاجئين”، معتبراً أن “النازحين يأتون حالياً إلى لبنان لأسباب اقتصادية بحتة بعد تدهور الأحوال في سوريا في ظل الحصار المحكم على بلادهم”.
وتطرق في اللقاء إلى موقف الغرب من عودة اللاجئين السوريين، مشيراً إلى أن “الغرب يتمسك بالسياسة الرافضة لهذه العودة بسبب عدم توفر الظروف الأمنية لذلك”، لافتاً إلى أن “السوريين بحاجة إلى تطبيق خطة التعافي المبكّر من أجل ضمان العودة وإلى ضرورة السير بعملية الخطوة مقابل خطوة”.
وفي السياق نفسه، أكد سابقاً وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، هيكتور حجّار: “أنّ سوريا تتعرّض لحصار اقتصادي كبير بسبب قانون قيصر”، محمّلاً الولايات المتحدة مسؤولية النزوح الجديد، وفق ما نقلته قناة “الميادين”.
وكذلك الأردن يكثّف تحركاته في هذا الملف، بالتنسيق مع أطراف عدة، وفي هذا الصدد وصل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في تموز الفائت إلى تركيا قادماً من سوريا، والتقى نظيره التركي حقّان فيدان، وقال الأخير في مؤتمر صحافي مشترك مع الصفدي: “قيّمنا في لقائنا التطورات الأخيرة في الملف السوري ونؤكد ضرورة إرساء الاستقرار بأسرع وقت في المنطقة من أجل عودة السوريين سنواصل استشاراتنا في هذا الموضوع أيضاً”.
بدوره، قال الصفدي: “نحن كدولتين من أكبر الدول استضافة للاجئين السوريين معنيون في تحقيق تقدم في معالجة ملف اللجوء، ومتفقان على أن مستقبل اللاجئين في بلادهم”، مشدداً على ضرورة وجود “جهد دولي حقيقي لتشجيع عودتهم والاستثمار في البيئة السياسية والأمنية والحياتية التي تتيح العودة الطوعية للاجئين، ونحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين في الدول المستضيفة”.
الأردن ولبنان للمجتمع الدولي: عليكم تحمّل مسؤولياتكم
يحضر ملف اللاجئين السوريين في معظم اللقاءات الدبلوماسية التي يجريها الأردن، وفي هذا الصدد التقى أمس الأربعاء، رئيسا مجلسي العموم ليندسي هويل، واللوردات جون ماكفول، ولجنة الأردن في البرلمان البريطاني، رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي، في إطار زيارة رسمية يجريها الأخير إلى لندن.
ووفق بيان صادر عن المجلس الأردني، فإن الجانبين بحثا مسألة تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين في الأردن، وأشار الصفدي، في اللقاء إلى “التراجع الحاد والخطر في دعم اللاجئين السوريين، وأهمية تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه اللاجئين والدول المستضيفة”، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية.
وفي 7 أيلول الجاري، التقى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي نظيره الإيرلندي وبحث الأزمة السورية وملف اللاجئين السوريين، ونقلت وسائل إعلام أردنية عن الصفدي، تأكيده أنه بحث مع نظيره مارتن التراجع الخطر في دعم اللاجئين السوريين، وأكد أن “مستقبل اللاجئين هو في بلدهم عندما تتوفر ظروف العودة الطوعية لهم”.
ودعا إلى “ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي كله مسؤولية توفير العيش الكريم الذي هو حق لهم، لحين ذلك”.
وفي 13 تموز الفائت، قال النائب الفرنسي تيري مارياني في تصريح له في “تويتر”، إن “البرلمان الأوروبي صوت اليوم بأغلبية ساحقة على قرار يدعم إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان”.
وعلّق وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية هيكتور الحجّار، على موقف البرلمان الأوروبي بقوله: “تصويت البرلمان الأوروبي بأغلبيةٍ ساحقة على قرار يدعم إبقاء النازحين السوريين في لبنان ليس مستغرباً”، مضيفاً أن “المستغرب هو الصمتُ الرسمي اللبناني على قرار البرلمان الأوروبي، فهل هذا الصمت هو نتيجة الخنوع، والتواطؤ أو للحفاظ على المصالح؟”.
بدوره، قال عضو تكتّل “لبنان القوي” النائب جورج عطا الله: “تستمر سياسة الاتحاد الأوروبي لإبقاء النازحين السوريين ودمجهم في لبنان وآخر مؤامراتهم صدور قرار عن البرلمان الأوروبي فيه أكبر اتهام للبنانيين بأنهم عنصريون بينما هم يمارسون كل الأساليب لمنع النازحين من الوصول إلى أوروبا وطردهم منها، يحق لهم ما لا يحق لنا لكن لن ندعهم يرتاحون”.
ويُعد ملف اللاجئين السوريين من الملفات الرئيسة التي طرحها اجتماع عمّان الذي أُجري بين وزراء خارجية سوريا والسعودية والأردن ومصر والعراق في الأول من أيار الجاري، والذي تمت بموجبه عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وشدد الاجتماع على ضرورة اتخاذ خطوات جديّة لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بـ “تكثيف العمل مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة للدفع نحو تسريع تنفيذ مشاريع التعافي المبكر، لتحسين البنية التحتية في المناطق التي سيعود إليها اللاجئون السوريون”.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان 1.5 مليون تقريباً، ما يقارب 900 ألف منهم مسجّلون في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وفي الأردن يبلغ عدد اللاجئين السوريين نحو 1.3 مليون سوري، وفي تركيا يبلغ عدد اللاجئين السوريين نحو 3 ملايين لاجئ سوري.