خاص || أثر برس يحتفل السوريون ليل اليوم بعيد البشارة الذي يعد آخر أعياد السنة الميلادية، رغم الوضع الاقتصادي الصعب وغلاء المعيشة، إلا أنهم لا زالوا يحافظون على الاحتفال بهذا العيد، وطرطوس واحدة من المحافظات التي دأبت على إحياء هذا العيد من خلال إعداد المأكولات التراثية التي اعتادت النسوة على تحضيرها إيذاناً بالعيد.
أم حسن سيدة سبعينية تسكن ريف الدريكيش، تعد منذ الصباح الباكر المأكولات التراثية التي اعتادت على تحضيرها في مثل هذا اليوم من كل عام احتفالاً بولادة السيد المسيح، إذ تقول لـ”أثر”: “يعتبر الاحتفال بعيد البشارة موروث شعبي تعبيراً عن الفرح بولادة السيد المسيح، حيث اعتدنا على إحياء هذا العيد إلى جانب أخوتنا المسيحيين، كما نحتفل بعيد البربارة وعيد الميلاد ورأس السنة”.
وبحسب أم حسن، ارتبط الاحتفال بعيد البشارة بإعداد الأكلات التراثية التي تشتهر فيها طرطوس، كالكبيبات بسلق، زلابية، فطائر بسلق ومحمرة، مضيفة: “منذ الصباح قمت بعجن الدقيق مع البرغل، وتقطيع السلق والبصل لإعداد الحشوة، بالإضافة لإعداد الصلصة الخاصة المؤلفة من زوم الكبيبات بعد سلقهم مضاف إليها الثوم والحامض والسماق، أو دبس الرمان، أو دبس الفليفلة”.
وتستذكر أم حسن أنه في الماضي كان الضيوف الذين يأتون إلى منزل العائلة، يعربون عن سعادتهم بالعيد وتذوق الأكلات الشهية بالقول: “اتغدينا كبيبات واتعشينا كبيبات، والله يخليكم هالوليدات”.
وأكدت أم حسن أنها تعلمت طريقة تحضير الأكلات التراثية من والدتها، كما حرصت على تعليمها لبناتها، حتى تبقى هذه الأكلات تراثاً تتناقله الأجيال.
بدوره، قال الباحث في التراث الشعبي حيدر نعيسة لـ”أثر” إن عيد البشارة هو أول مناسبة يُحتفل فيها بالشتاء وتعني البشارة بمولد السيد المسيح عليه السلام، تأتي بعد أسبوعين من عيد البربارة الذي يصادف 17 كانون الأول، مشيراً إلى أنه يحتفل في الأسابيع الثلاثة التي تلي عيد البربارة في نفس يوم العيد، فرحاً بولادة السيد المسيح عليه السلام، حتى يتم الاحتفال بعيد القوزلة وهو رأس السنة الشرقية.
وأشار نعيسة إلى أنه يحتفل بعيد البربارة في 17 كانون الأول، وقد جَرت العادة أن يتم طهو القمح المدقوق مع اللحم والمقلّى بالزيت وتسمى “الهريسة”، ويلي هذا العيد بأسبوعين الاحتفال بعيد البشارة حيث يتم إعداد الكبيبات بسلق، الزلابية، الكعك، وهي أكلات تراثية في الساحل.
وأشار نعيسة إلى أن المسلمين يشاركون أخوتهم المسيحيين الاحتفال بهذه الأعياد التي ترمز لولادة السيد المسيح، وقد اعتاد أهل الساحل على إعداد الأكلات المكونة من البرغل والطحين والزيت والخضار الشتوية كالسلق، باعتبارها أساس المائدة وتمنح الطاقة والإحساس بالشبع، وأضاف: “المرأة في الريف تستمتع بإعداد الأكلات التراثية وتعليم بناتها طريقة تحضيرها “على أصولها”، مؤكداً أن ذلك من شأنه الحفاظ على توارث العادات التي هي نتاج المعتقدات بصورتها الحيّة الجماعية.
صفاء علي – طرطوس