أبو مجد، باع منزله وترك عمله كي يلحق بزوجته التي سبقته إلى ألمانيا بصحبة أولادهما، لكنه لم يستطع، بعدما قارب الخمسين من عمره، أن يتأقلم مع الحياة هناك ولم يتمكن من تعلم اللغة الألمانية، فطلب من زوجته أن تعود معه إلى جرمانا في ريف دمشق، لكنها رفضت، وعندما احتدّت الأمور بينهما، هدّدته باستدعاء الشرطة وطلبت الطلاق. عاد الزوج إلى البلد فارغ اليدين، من دون زوجة أو أولاد، وبلا بيت وعمل، بكثير من اليأس وخيبة الأمل والفراغ. ويقول: «اليوم أدركت ما معنى الديموقراطية، الديموقراطية هي التي تأخذ زوجتك وتسلبك أطفالك أمام عينيك بتشجيع وتصفيق من الناس، من دون أن تكون قادراً على ضم ولدك إلى حضنك».
تفككت العائلة في سوريا ما بعد الحرب، وفقدت الأسرة استقرارها، ليجد السوري اللاجئ نفسه فجأة أمام نمط جديد من الحياة والعادات والقوانين، حمل معه مشكلات جديدة وتناقضات لم يسبق له أن واجهها. وظهرت نتائجها في نسب حالات الطلاق المرتفعة، التي تنوّعت بين الطلاق الغيابي والهجرة والظروف المعيشية القاسية وفقدان المنازل والنزوح والمشاركة في الأعمال العسكرية. لكن الطارئ مع الحرب كان الطلاق بسبب السياسة! إذ وصل الانقسام بين موالاة ومعارضة، إلى داخل العائلة الواحدة، وبات خراب البيت جزءاً من خراب البلد وسمة من سمات الحرب.
ردينة، لم تنل الطلاق رغبة منها ولا اندفاعة أو حماسة، بل لأنها مؤيدة، فيما زوجها معارض. وعند سؤالها عن مصير الأولاد، تجيب: «هم ينتظرون أن يستوعبوا ما يحدث كي يعلنوا انشقاقهم عن أنفسهم». اختلاف المواقف خلال الأزمة تجاوز الطلاق ليصل إلى القتل في حالات عدة. ووردت بعض الأخبار التي تقول بأن زوجاً «أردى زوجته على خلفية ملاسنة أعلنت فيها الزوجة تأييدها للنظام».
حالات القتل تلك، سبقتها إحصاءات نشرتها «الهيئة السورية لشؤون الأسرة» عام 2012، أظهرت أن نسبة النساء اللواتي تعرّضن لأي شكل من أشكال العنف الأسري وصل إلى 22%، تنقسم بين 26% للعنف النفسي، و18% للعنف الجسدي، و4% للعنف الجنسي. وبحسب نتائج الدراسة، فإن 45% من النساء يتعرضن لهذا النوع من العنف، في حين تتعرض غالبية النساء في الدراسة للعنف بصورة متكرّرة. أما نسبة الطلاق في سوريا، فقد وصلت في نهاية 2013 إلى 100 حالة يومياً، وفق تقرير نشرته صحيفة «تشرين» الرسمية، فيما وصل مجموع حالات الطلاق عام 2014 إلى 9 آلاف حالة.
الأخبار || أثر