شرعت بكين بمناوراتها العسكرية قبالة سواحل تايوان، بالتزامن مع استمرار زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، إلى تايوان، وذلك وسط تهديدات الصين بحتمية الرد على هذه الزيارة التي وصفتها بـ”الاستفزازية”.
القوات الصينية وفي إطار مناوراتها العسكرية، أطلقت اليوم الخميس النار بشكل مباشر شرقي مضيق تايوان، حيث أعلنت الخارجية الصينية أن تايوان جزء من الصين والمناورات العسكرية في مضيق تايوان ضرورية وشرعية.
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن تايوان تأكيدها على أن 27 طائرة حربية صينية دخلت مجال الدفاع الجوي لها، مشيرة إلى أن الجيش الصيني، أعلن أنه “في حالة تأهب قصوى وسيشن سلسلة من العمليات العسكرية المستهدفة رداً على الزيارة، معلناً عن خطط لسلسلة تدريبات عسكرية في المياه حول الجزيرة”.
الحديث عن التوتر الصيني-الأمريكي تجاوز المناورات والقدرات العسكرية ووصل إلى العلاقات الديبلوماسية، حيث أعلنت الخارجية الصينية أنها ألغت اجتماع بين الوزير وانج يي ونظيره الياباني على هامش اجتماع رابطة دول جنوب شرق آسيا في كمبوديا، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الصينية هوا تشون ينج: “إن الجانب الصيني يشعر باستياء شديد من البيان المشترك الذي أصدرته دول مجموعة السبع بشأن تايوان”.
وفي هذا الصدد، نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية مقالاً أشارت خلاله إلى أن الكيان الإسرائيلي في موقف صعب للغاية في حال تم الضغط عليه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لاتخاذ موقف معاد للصين من هذا التوتر، مؤكدة أن الوقوف في منطقة الحياد أمر “صعب للغاية”، ولفتت في تقريرها إلى التوتر الحاصل بين “إسرائيل” وروسيا على خلفية “الموقف الإسرائيلي” المؤيد للمعسكر الغربي في أوكرانيا، حيث بلغ هذا التوتر ذروته بعد إغلاق مكاتب “الوكالة اليهودية” في موسكو، وفقاً لما نشرته “هآرتس“.
قلق حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية من هذا التوتر لا يقتصر على “إسرائيل” فقط، فالحكومة الأسترالية أعلنت أمس الأربعاء أنها ستعمل على تنفيذ مراجعة واسعة النطاق لجيشها، وعلّق خبراء عسكريون أمريكيون على هذا الإجراء بقولها: “إجراء يعكس مخاوف بعض حلفاء الولايات المتحدة من أن التنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين يزيد من خطر نشوب نزاع مسلح في آسيا والمحيط الهادئ” وفقاً لما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.
أما فيما يتعلق باحتمال نشوب حرب بعد هذا التوتر، استبعدت التحليلات هذا الخيار، لافتة في الوقت ذاته إلى أن الرد الصيني سيمتد لفترة طويلة، وفقاً لتحليل نشرته صحيفة “الشرق الأوسط”، حيث بدأت الصين باتخاذ إجراءات اقتصادية ضد تايوان، كتعليق استيراد بعض أنواع الفاكهة والأسماك من تايوان وتصدير الرمال الطبيعية إلى الجزيرة، حيث تعد الصين أكبر شريك تجاري لتايوان، وسجل التبادل التجاري ارتفاعاً بنسبة 26% عام 2021، ليصل إلى 328 مليار دولار، كما أشار كبير الاقتصاديين الآسيويين في كابيتال إيكونوميكس، مارك ويليامز، إلى أن تايوان لا تزال مكتفية ذاتياً تقريباً في المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز ولحم الخنزير والخضروات، لكن الحلقة الضعيفة للجزيرة هي اعتمادها على واردات الطاقة، ويمكن للصين أن تشل التصنيع التايواني من خلال استهداف محطات الغاز الطبيعي المسال بالجزيرة أو عن طريق تقييد واردات الوقود، حيث يتم إنتاج 12% فقط من الطاقة التايوانية محلياً، حيث تعتمد الجزيرة بشكل كبير على الغاز الطبيعي المسال المستورد لتوليد الطاقة، ففي العام الماضي، تم توليد حوالي ثلث كهرباء تايوان من الغاز، الذي تم استيراده من دول من بينها قطر وأستراليا والولايات المتحدة وروسيا، وانقطاع هذه الصادرات قد يؤدي إلى انخفاض كبير في قدرة توليد الطاقة في غضون أيام، ويؤدي إلى توقف جزء كبير من التصنيع في الجزيرة، وفقاً لتقرير “وول ستريت جورنال”.
تشير التحليلات إلى أن زيارة بيلوسي وضعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بموقف مُحرج، وذلك استناداً إلى كثافة الإجراءات الاقتصادية والعسكرية والديبلوماسية الذي اتخذتها بكين رداً على هذه الزيارة، وسط ترجيحات أن يصل التصعيد الصيني إلى التحالفات الخارجية من خلال توسيع العلاقات بين الصين والدول المعارضة لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، الأمر الذي من شأنه أن يوسّع الحلف المعادي لواشنطن.