بدأ لبنان بتنفيذ خطته القاضية بإعادة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم، وسط انتقادات من المنظمات الدولية وترحيب من معظم اللبنانيين الذين أُشبعوا بتصريحات تزعم أن السوريين هم أهم أسباب الأزمة الاقتصادية والبؤس الذي يعيشه لبنان.
صحيفة “الأخبار” اللبنانية نقلت عن سعود أمون، وهو لبناني عاش في سوريا لمدة 25 عاماً، قوله: “لم أسمع يوماً أي تمييز بحقي، لا في مدرسة ولا في مهنة، معرباً عن أسفه للنقمة العرسالية تجاه الجيران، قائلاً: “كيف أضروا بنا؟ عندما عدت إلى عرسال، لم يكن هناك سوق أو حتى دكانة كنا نذهب إلى حمص لنشتري الألبسة أو إلى زحلة لنصلح سياراتنا، أما بعد النزوح السوري، باتت البلدة تشهد ازدحاماً في المحال على أنواعها، حتى مناشر الحجر التي يقوم عليها اقتصاد البلدة، كان هناك مئة، أما بعد السوريين فصارت 600، كل تلك المصالح من يؤمن استمراريتها من العمل إلى الشراء؟ أليس العامل السوري؟”، وأضافت الصحيفة: أن “كثرٌ تراجعوا في اللحظات الأخيرة خوفاً من الملاحقة والتفلّت الأمني، وبضغط من بعض العاملين في المنظمات الراعية لهم، فيما سار آخرون قدماً… ولو نحو المجهول”.
وفي سياقٍ متصل نشرت “الشرق الأوسط” أنه “منذ اندلاع الحرب في سوريا، كان لبنان الوجهة الأولى للسوريين لا سيما سكان المناطق القريبة من الحدود مع لبنان، وبحسب أرقام الأمم المتحدة هناك 830 ألف لاجئاً سورياً في لبنان مسجل لديها، وشكّل اللجوء السوري في لبنان عبئاً منهكاً في ظل وضع اقتصادي منهار، ما انعكس بشكل سلبي على حياة اللاجئين الذين عانوا من شتى أصناف الضغوط أبرزها العنصرية”.
أما “الرأي” الأردنية فأشارت إلى دور المنظمات الأممية في تضخيم ملف اللاجئين السوريين وتسييسه، حيث نشرت: “بالرغم من الضغوط والانتقادات الدولية بدأ لبنان خطته لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، والمجتمع الدولي يتحدث بلغة مختلفة وهي توطين اللاجئين لكنه غير مستعد لتمويل تكلفة عودتهم وكان ضعيفاً جداً في تمويل تكلفة إيوائهم”، وباعتبار أن الأردن يسعى أيضاً إلى إعادة اللاجئين السوريين الموجودين لديها إلى بلادهم، لفتت الصحيفة الأردنية إلى خطة أعدتها وزارة التخطيط الأردنية، والتي بحثت الاستجابة الأردنية للأزمة السورية للأعوام 2020- 2022 بحجم إجمالي بلغ نحو 6,6 مليار دولاراً يُفترض أن يمولها المجتمع الدولي”، مؤكدة أن “الخطة تأتي في وقتٍ تشهد المساعدات الدولية العادية جفافاً، فما بالك بتمويل استثنائي مثل قضية اللجوء السوري الذي أدى لملل المجتمع الدولي من قضية الصراع في سوريا، فما بالك بنتائجها وأهمها اللجوء الذي يراهن المجتمع الدولي نفسه على تكيّف الدول المستضيفة معه واستيعاب آثاره كما حصل في دول أوروبا التي أصبح السوريون فيها يحملون جنسياتها أو معالين لفترة من الوقت تسمح لهم بالاندماج في هذه المجتمعات”.
منذ بدء الحرب السورية يتم استخدام ملف اللاجئيين السوريين كورقة سياسية مهمة بيد العديد من الدول وحتى المنظمات الدولية، وفي هذا الصدد نشر مؤخراً “ميدل إيست آي” البريطاني تقريراً أشار فيه إلى حجم المعلومات “البيومترية” الموجودة لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، مؤكداً أن هذه المنظمة تعد واحدة من أكبر قواعد البيانات الحيوية متعددة الجنسيات في العالم، ونقل عن مسؤولٍ سابق بالمفوضية كارل شتاينكر، قوله: “تم إنشاء هذه الأنظمة القديمة بافتراضات مختلفة، والخصوصية لم تكن أبداً عنصراً أساسياً في التصميم”، حيث يؤكد تقرير سبق أن نشره “الصليب الأحمر الدولي” أن قدرة البيانات “البيومترية” على تحديد الهوية بسهولة ولأجلٍ طويل، تثير مخاوف جديّة على الصعيد الأخلاقي وعلى صعيد حماية البيانات.