خاص || أثر برس تحول الفنانون في سوريا كغيرهم لمصادر عمل فرضتها البيئة الرقمية الجديدة، فمنهم من توجه نحو “التيك توك” وغيره من المنصات لتقديم محتوى من خلاله، قد يكون مغايراً للدراما والتمثيل، فمن الطهي إلى المكياج وصولاً لجولات البث المباشر وقبول التحديات والخلافات مع أقرانهم، مما أثار استياء الجمهور الذي انتقد بشكل لاذع ظهور الفنانين عبر “التيك توك”.
ليست حكراً على الفنانين:
الفنانة غادة بشور وفي حديث مع “أثر” كان لها رأي حول ظهور الفنانين عبر منصات التواصل الاجتماعي، إذ رأت أن الآراء السلبية ليست حكراً على الفنان، فأي شخص طبيعي ينتقده كثير من الناس سلباً او إيجاباً، وهذا أمراً متداول في الحياة اليومية وعلى كل وسائل التواصل الاجتماعي بما فيها التيك توك فلكل شخص وجهة نظر خاصة فيه.
العامل الإنتاجي!
وعن مبررات استخدام الفنانين منصة التيك توك، تحدث الصحفي والناقد الفني عامر فؤاد عامر لـ “أثر برس” قائلاً: أعتقد بأن الرغبة في مواكبة موجة وسائل التواصل الاجتماعي وتحديثاتها هي السبب في استقطاب عدد من الأسماء في المجال الفني، والتيك توك واحد منها، بدافع الكسب المالي، وهو السبب الذي صرح به أكثر من فنان ليبرر لنفسه المشاركة في مثل هذه الوسائل وخصوصاً التيك توك.
وتابع: مع تراجع القيمة المادية من أجور وتقدير للفنان على الصعيد المحلي بات هذا سبب مباشر لبحثه عن مصادر رزق جديدة غير الأجور التي يتلقاها من مشاركته في مسلسل أو فيلم أو مسرحية أو برنامج تلفزيوني، فكل ما سبق أصبح أجور بسيطة وتنافي للتقدير المادي للفنان في بلدنا.
ويشاطره الرأي الصحفي والناقد الفني جوان الملا، الذي أوضح في حديثه مع “أثر” أن أهم المبررات التي جعلت الفنانين يلجؤون لمنصة التيك توك تكمن في العامل الإنتاجي الضعيف داخل سوريا، فالفنانين الذين لم يعملوا خارج سوريا كـ (لبنان وتركيا) بقيت أجورهم زهيدة مقابل العمل الذي يقدمونه، لذلك شركات الإنتاج لها دور كبير جداً في تسخيف الحالة الفنية واتجاه بعض الفنانين السوريين لمنصة التيك توك، ويأتي ثانياً عامل التعامل مع الفنانين بطريقة غير لائقة كدفع مستحقاتهم المالية بعد فترة طويلة وتبخيس أجورهم، فجميعها عوامل تؤدي لاستعمال الفنانين منصة التيك توك ليكونوا ملوك أنفسهم مادياً بحيث لا أحد يتحكم بهم.
هل تتأثر قيمتهم لدى الجمهور؟
رأى الصحفي والناقد الفني عامر أنه بشكل أو بآخر الصورة المؤثرة في الجمهور العام ستكون مختلفة عما لو كانت فقط صورة مؤطرة عبر الدراما بأنواعها، شارحاً: “أقصد أن جمهور التيك توك مختلف عن جمهور المسلسل أو جمهور الفنان نفسه، فهناك شريحة لها مواصفات مختلفة ومنها أنها جمهور أكبر عدد في الخارج من الداخل السوري، أما عن القيمة بحدّ ذاتها فالأمر يخرج عن إطار التقييم والمقارنة من حيث أن الدور هنا ليس تمثيل بل مشاركة مقطع أو مساهمة في مسابقة بين اثنين أو مجموعات، بالتالي يستغل الفنان هنا حضوره وشهرته لصالحه ليكسب متابعين أكثر يزيدون من ما نسميه التفاعل المستمر على التيك توك المباشر وبث موضوع المسابقات المنتشر، والسؤال هنا من هو هذا الجمهور الذي سيصفق ويشجع لهذا الظهور؟! وهل سيتذكره بعد أن ينتهي موضوع التسلية هذا؟!”
“جولات البث المباشر والتحديات لا تليق بتاريخ أي فنان سوري مهما كانت نجوميته” بحسب ما أشار إليه الملا، متابعاً: “هذا يلعب دوراً بالإساءة لأرشيف الفنان لأن المفروض أن يحترم الفنان أرشيفه وتاريخه الفني، وفي تقديم المحتوى عبر التيك توك يجب أن يقدم محتوى مشابه لعمله، بحيث لا يبخس من قيمة نفسه لأن شئنا أم أبينا برامج اللايف وغيرها تقلل من شأن الشخص كائناً من كان، خصوصاً فتحه البث المباشر أمام مجموعة كبيرة من الأشخاص لا يعلم مستواها الثقافي والفكري والتعليمي، ومهما كان الفنان مضطراً مادياً فيجب عليه الحفاظ على أرشيفه التاريخي”.
وتابع: كان للفنان بالعموم قبل السوشيال، هالة كبيرة لدى الجمهور، أما الآن أصبح أكثر سهولة وإتاحة من الوقت السابق، إلا الفنان الذي يدرك كيف يتعامل مع السوشيال ميديا، التي مهمتها أن تخلق حالة تواصل بين الفنان وجمهوره وبنفس الوقت أن تترك مسافة يحافظ فيها الفنان على هيبته أمام الجمهور.
آراء سلبية..
وفيما يتعلق بآراء الجمهور السلبية تجاه محتوى الفنانين عبر هذه المنصة، قال عامر: “هي آراء حاضرة مثل الآراء الإيجابية في هذا الموضوع، ومنها ما هو حقيقي ومنطقي ومنها ما هو جائر وظالم للفنان نفسه، فردات الفعل متباينة ولا يمكن قياسها في مستوى واحد أو مستويين”.
ووفقاً للملا، الجمهور ينتقد نقداً لاذعاً ويوجد بعض الشتائم والإساءات دون الرجوع إلى الأسباب التي جعلت الفنان يصل لهذه المرحلة، فالآراء السلبية ضرورية ولكن دون تجريح أو نقد لاذع، والجمهور يحق له أن يغضب أو ينزعج حينما يرى فناناً رسم له صورة معينة وأدواراً جميلة في مخيلته أن يطلب “التكبيس والمشاركة” ، فمن الطبيعي وجود الآراء السلبية لكن يجب أن ينتبه المنتقدين إلى انتقاء المفردات كونها تسيء إلى الشخص الذي يطلقها.
الدراما السورية لا تتأثر..
وحول نظرة الجمهور العربي تجاههم وتأثيرها على الدراما السورية ككل، أجاب عامر: “لا أعتقد أن لها هذا التأثير، فقد ذكرت أن الجمهور هنا يختلف عن الجمهور هناك، فالدراما السورية مجموعة عناصر وليست فنان فقط، هناك المخرج والتقني والفني والكاتب والسيناريست والإدارات على أنواعها والإنتاج والتسويق وهلم جرا”.
وأردف: من ناحية أخرى جديرة بالاهتمام والذكر أن الدراما السورية تاريخ لا يمكن لمشاركات فنانين عبر التيك توك أن تنتهك وتلغي وتشوه هذا التاريخ وإن كانت تنقص من حضور الفنان نفسه.
ووافقه الرأي الملا، قائلاً: لا أتوقع أن يؤثر هذا الموضوع على الدراما السورية، لأن المشاهد يستطيع الفصل بين تأدية الفنان لمشهد ما على الشاشة وبين ظهوره على التيك توك، فعندما يتواجد النص الجيد والإخراج المناسب والفنانين الجيدين حينها تحقق الدراما السورية التقدم وبالإضافة إلى مرتاديّ منصة التيك توك ليسوا جميعهم متابعين للدراما؛ فأعمارهم تكون ضمن مرحلة الشباب، وبالعموم لا أتوقع أن تؤثر تأثيراً كبيراً على الدراما، فهي توثر فقط على الفنان.
واعتبر الملا أن شركات الإنتاج إن كانت ضمن سوريا أو خارجها تسعى لمعرفة كم عدد متابعيّ كل فنان على منصات التواصل، ويمكن أن يسندوا له دوراً معيناً من أجل هذا العدد، ليحققوا الترويج لأعمالهم، وهذه الفكرة خاطئة تماماً لكن هذا ما يحصل على أرض الواقع وبالتالي وجود الفنان على هذه المنصة يمكن أن يؤمن له دوراً في عمل ما.
الجدير ذكره، أن ساحة تطبيق “تيك توك” تشهد رواجاً كبيراً لجولات البث المباشر من قبل الفنانين كوائل شرف وميرنا شلفون وغادة بشور وهلا اليماني ونزار أو حجر وسوسن ميخائيل وغيرهم الكثير، كما يذكر أن خلاف الفنان نزار أبو حجر والفنان وليد حصوة أثناء البث المباشر على المنصة تحول لمسألة رأي عام.
أمير حقوق