أثر برس

القمة العربية الاقتصادية مهددة بالتأجيل وسوريا لا تنتظر دعوتها

by Athr Press B

خاص || أثر برس

يعودون إلى الدولة السورية ليس حباً ولا مودةً، وإنما هكذا تسير الأعراف الدبلوماسية بين الدول التي تقطع علاقاتها مع بعضها البعض سياسياً، أو تخفض تمثيلها الدبلوماسي، أو تلغيه فيما بينها.

لم تكن زيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق سوى إعلاناً عربياً بإعادة التوجه نحو الدولة السورية، وفي مقدمته التأييد السعودي رغم نفي الأخيرة إمكانية إعادة افتتاح سفارتها قريباً في دمشق، فكانت الإمارات أولى الوافدين رسمياً، ومهما بان الخجل والمراوغة السعودية، فالبشير انطلق من إرادتها التي لا يمكن له أن يتصرف منفرداً عنها شأنه في ذلك شأن دول الخليج ومصر.

انتهت السعودية إلى أن هزيمة مشروعها في سوريا أصبحت واقعاً بعد سبع سنوات من حربٍ سعت من خلالها دعم الفصائل المسلحة لإسقاط الدولة السورية، وأمام سيطرة تركيا على ما تبقى من هذه الفصائل شمالاً، ومحاولتها الدخول في عملية التسوية السياسية التي نتجت عن مخرجات مؤتمر سوتشي العام الماضي، اتخذت السعودية القرار بالتقرّب من الدولة السورية لمحاربة التوسع والنفوذ التركي، وهذا ما يفسر رفض قطر لعودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، فالمعركة الآن تخاض من قبل تركيا وحلفائها ضد المشروع السعودي الذي يعكس من جهة أخرى حرب النفوذ الإخوانية-الوهابية في المنطقة، ولابد من تأثير الأزمة الخليجية وقضية مقتل الصحفي السعودي جمال الخاشقجي في إسطنبول على هذا التوتر المتصاعد.

تبدلت الوقائع، فالسعودية التي ضغطت على الدول العربية سياسياً واقتصادياً لتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية في صيف 2011 بمباركة أمين الجامعة السابق نبيل العربي، طلبت من المعارضة السورية إزالة أعلامها من كامل أراضي المملكة تحت طائلة المسؤولية. الموقف الرسمي السوري الهادئ من التحركات العربية والدولية، ومحاولات إعادة تفعيل العلاقات والقنوات الدبلوماسية مع سوريا أمر طبيعي، فانتصار الميدان الذي أحرزته القوات السورية بصمودها ترجمة لما يدور في الأروقة السياسية، وهذا ضروري لاستعادة المكانة العربية والإقليمية للدولة السورية.

وعلى وقع التحضيرات لانعقاد القمة العربية الاقتصادية في بيروت 20-18 من الشهر الجاري، يستمر الصمت السوري حيال الخلافات بين فريقَي 8و14 آذار السياسيَين في لبنان حول دعوة سوريا إلى القمة، والذين نقلوا الأزمة السياسية في تشكيل الحكومة العالقة منذ أكثر من 6 أشهر إلى الخلاف حول الحضور الرسمي السوري في بيروت، الأمر الذي يهدد تأجيلها.

يعلم السياسيون اللبنانيون أن محور القمة العربية الاقتصادية سيكون البحث وكيفية المشاركة في إعادة إعمار سوريا، بالإضافة إلى قضية النازحين، والغايات اللبنانية تفيد لبنان أكثر من أي دولة أخرى كونه الأقرب حدوداً.

يتحجج فريق 14 آذار أن الموافقة على حضور سوريا يجب أن تؤخذ بقرار من مجلس الجامعة العربية، ونسوا أن وزير الخارجية اللبناني السابق عدنان منصور رفض عام 2011 تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، كونه منافٍ تماماً لميثاق مجلس الجامعة، فكانت لبنان الدولة العربية الوحيدة التي وقفت ضد قرار باطل بالأصل، في حين رفضت العراق والجزائر وقتها التصويت.

رغم ما يشاع حول تسريب ورقة من الخارجية الأمريكية تهدد لبنان بالعقوبات الاقتصادية في حال دعت سوريا لحضور القمة العربية الاقتصادية، فإن الدولة السورية محسومة في مواقفها وهي لا تنتظر دعوتها من أحد.

مرحلة إعادة الإعمار واستثماراته لن تكون إلا من باب السياسة الواسع التي فرضته الإرادة السورية، كما المبادئ التي لم تتخلى عنها سوريا رغم كلّ الهجمات التي تعرضت لها، فالدول التي تعود اليوم تعرف أن زمن المساومات انتهى.

علي أصفهاني

اقرأ أيضاً