أثر برس

“تنظيمات مجهولة”.. من يقف خلف استهداف القوات التركية في إدلب؟

by Athr Press R

في تطور دراماتيكي يعكس حالة من التغيرات الداخلية في توجهات المجموعات “الجهادية” بإدلب، تعاود بعض التشكيلات الجديدة – القديمة استهداف القوات التركية ضمن المحافظة، كان آخرها تبني ما يسمى بـ ” سرية أنصار أبي بكر الصديق ” قبل يومين استهداف نقطة للقوات التركية في ريف حلب الغربي قالت إنها أدت إلى مقتل 3 جنود أتراك.

بيان “السرية” الذي تناقلته عدد من المواقع الإلكترونية، يعكس وجود خطة عمل لدى تلك التنظيمات الجهادية لتغيير الواقع العسكري ضمن المحافظة، وإخراجه من الأطر السياسية التي تتحكم فيها أنقرة، حيث خاطبت “السرية” القوات التركية قائلةً: إن “حربنا معكم لم تبدأ بعد ولم يحمى وطيسها، وإن الدماء النجسة التي سالت منكم ما هي إلا جزءٌ صغير من فاتورة كبيرة وثقيلة تنتظركم، فجهزوا نعوشكم واحفروا قبوركم فقسماً لنرسلنكم للجحيم”.

الاستهداف الذي لا يعتبر الأول “للسرية”، سبقه استهداف قوات الجيش التركي للمرة الأولى في 27 من آب 2020، بتفجير دراجة نارية مفخخة بالقرب من النقطة التركية في مرج الزهور بريف جسر الشغور، وأخرى في 6 من أيلول 2020، حيث تبنت عملية إطلاق نار على جنود أتراك ببلدة معترم جنوبي إدلب، ما أدى إلى مقتل جندي تركي متأثراً بجروحه وإصابة آخر.

فصائل أخرى استهدفت تركيا

وتعرضت أرتال تركية للاستهداف في المنطقة، في 4 و5 من كانون الثاني الحالي، بقذائف “آر بي جي”، وتبنته مجموعة تطلق على اسمها تنظيم “عبد الله بن أُنَيس”، وهي لم تكن معروفة من قبل، كما تبنت في تموز الفائت “كتائب خطاب الشيشاني” استهداف الدوريات المشتركة الروسية- التركية على الطريق الدولي “M4” ثلاث مرات، وكانت الأولى في 14 من تموز 2020، والثانية في 17 من آب 2020، والثالثة في 25 من الشهر ذاته.

ظهور تلك التشكيلات خلال الأشهر الستة الأخيرة وتصاعد نشاطها وهجماتها، يجعل العديد من التساؤلات أكثر إلحاحاً حول داعمي تلك التشكيلات ومؤسسيها والهدف من وجودها؟

إذا أردنا تفنيد الحالة “الفصائلية” في محافظة إدلب، فيمكن تلمّس جهتين أساسيتين تحظيان بالنفوذ الأوسع في المحافظة، الأولى: وهي الفصائل التابعة لتركيا كحركة “أحرار الشام” و”الجبهة الوطنية” وغيرها من التشكيلات، والثانية “هيئة تحرير الشام” المتماشية مع الأوامر التركية. وما بين هذين المكونين يتمايز تشكيل عسكري وحيد يتعارض مع الأجندات التركية ضمن إدلب، والمتمثل بتنظيم “حراس الدين” التابع بشكل مباشر لتنظيم “القاعدة”، والذي أعلن في عدة بيانات معارضته للاتفاقات السياسية الموقعة بين تركيا وروسيا في محافظة إدلب.

الخطاب الديني في البيانات التي تطلقها تلك المجموعات (سرية أبو بكر، الشيشاشي، أنيس) يوحي بانتماءها أو تماهيها، مع تنظيم “القاعدة”، والذي بات تنظيم “حراس الدين” يشكل فرعه في سوريا، وهو ما يفتح الباب واسعاً على تساؤل كبير حول إمكانية أن يقف “حراس الدين” خلف الهجمات على القوات التركية، تحت مسميات لفصائل لا وجود فيزيائياً ظاهراً لها في إدلب.

ويرى الخبير الإستراتيجي الدكتور كمال جفا، بأنه لا يمكن لأي فصيل أن ينشط في محافظة إدلب دون مباركة من “أبو محمد الجولاني” زعيم “هيئة تحرير الشام”، متوقعاً أن ما يجري في إدلب يصب في خانة السعي الأمريكي للتقليل من حالة النفوذ التركي ضمنها، مع وصول الإدارة الأمريكية الجديدة. ويستند بعض المراقبون في ذهابهم إلى هذا الرأي، على أن المسؤولين الأتراك باتوا يدركون أن تغيرات ستطرأ على السياسة الأميركية، تشمل التعامل مع “هيئة تحرير الشام” التي باتت حظوظها في الخروج من قائمة التصنيف الإرهابي شبه معدومة. سيما أن الخطوة التركية للاستغناء عن التنسيق الأمني مع الجولاني لحماية الطريق الدولية مؤخراً تأتي في سياق استعداد أنقرة لمواكبة المتغيرات الأميركية الجديدة.

لكن وجهة نظر أخرى، لايمكن إغفالها، تقول بارتباط تلك التشكيلات بتنظيم “داعش”، الذي تصاعد الحديث عنه في الآونة الأخيرة بعد نشاط كمائنه وهجماته، وهو ما ذهبت إليه تقارير غربية عن امتلاكها وثائق تؤكد وجود تعاون بين تنظيمي “حراس الدين” و”داعش”، في أعقاب مقتل أبي بكر البغدادي زعيم “داعش” السابق في منطقة باريشا في ريف إدلب في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2019، ونشرت التقارير صوراً لإيصالات مالية قبض بموجبها “حراس الدين” مبالغ من “داعش”، لقاء تهريب وتأمين مقارّ لبعض قادته في محافظة إدلب، ويتوازى ذلك مع حملة أمنية تقول “الهيئة” بقيادة الجولاني، إنها تنفذها ضد خلايا لتنظيم “داعش”، بدأت تنشط ضمن المحافظة تحديداً في بلدة كفرتخاريم، وفي هذا السياق لا يمكن التغافل عن التصريحات الروسية التي اتهمت تنظيم “داعش” باستهداف القاعدة الروسية في تل السمن بريف الرقة الشمالي قبل أسابيع، على الرغم من تبني “حراس الدين” للاستهداف، لكن تقارير روسية استندت حينها إلى أن تلك المنطقة تعد ضمن نفوذ “داعش”، ووضع تعليق روسي على الحادثة بالقول: علينا أن نعرف كيف وصل “حراس الدين” إلى هنا، وضع المزيد من الدلائل على وجود تعاون بين التنظيمين، الذين لا شك يلتقيان فكرياً بالعديد من الجوانب.

وبغض النظر عن تبعية تلك المجموعات، وفيما إذا كانت خلايا لـ “داعش” برعاية “حراس الدين”، أو تعمل بموافقة “الجولاني” وبضوء أخضر أمريكي لتقليم الأظافر التركية في إدلب، يبدو من الواضح بأن الشكل العسكري والتنظيمي للتشكيلات العسكرية ضمن المحافظة سيشهد تغيرات خلال الفترة المقبلة، وهو ما قد يفسر التعزيزات العسكرية التركية غير المسبوقة إلى المحافظة، التي تجسدت بإقامة محارس وأبراج مراقبة ونقاط حراسة، في عدة مواقع على طريق “M4″، جلبت إليها أنقرة معدات عسكرية ولوجستية لم يسبق نشرها في أي من نقاط المراقبة التركية في مناطق خفض التصعيد.

رضا توتنجي

أثر برس

اقرأ أيضاً